رحمة، ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء - إلى أن قال -: فقلت له: كيف نصلي على محمد وآله؟ قال (عليه السلام): تقولون صلوات الله وصلوات ملائكته وأنبيائه ورسله وجميع خلقه على محمد وآل محمد، والسلام عليه وعليهم ورحمة الله وبركاته، قلت: فما ثواب من صلى بهذه الصلوات؟ قال: الخروج من الذنوب والله كهيئة يوم ولدته أمه) وفي خبر كعب بن عجرة (1) المروي عن المجالس والأمالي (قلت:
يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ فقال:
قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد) وهما معا كما ترى يمكن عدم منافاتهما لما ذكرنا، ولقد عثرت بعد ذلك على كلام للفاضل المتبحر ابن هشام في المغني يقرب مما قلناه، بل هو هو، حيث إنه بعد أن حكى عن بعضهم أن الصلاة المقدرة في قوله تعالى: (إن الله وملائكته) إلى آخره بمعنى الرحمة، والموجودة بمعنى الاستغفار، قال: (قلت: الصواب عندي أن الصلاة لغة بمعنى واحد، وهو العطف، ثم العطف بالنسبة إلى الله تعالى الرحمة، وإلى الملائكة الاستغفار، وإلى الآدميين دعاء بعضهم لبعض).
وأما قول الجماعة فبعيد من جهات، إحداها اقتضاؤه الاشتراك، والأصل عدمه، لما فيه من الالتباس، حتى أن قوما نفوه، ثم المثبتون له يقولون متى عارضه غيره مما يخالف الأصل كالمجاز قدم عليه. الثانية إنا لا نعرف في العربية فعلا واحدا يختلف معناه باختلاف المسند إليه إذا كان الاسناد حقيقيا. الثالثة أن الرحمة فعلها متعد والصلاة فعلها قاصر، ولا يحسن تفسير القاصر بالمتعدي. الرابعة أنه لو قيل مكان صلى عليه دعا عليه انعكس المعنى، وحق المترادفين صحة حلول كل منهما محل الآخر، فتأمل.