قد يقال بعدم دلالة الاطلاق السابق أيضا بعد ظهوره بملاحظة غيره من الأخبار في إرادة الظهرين من صلاة السفر التي نفي الشئ قبلها وبعدها، بل ربما يجزم به باعتبار أن صلاة العشاء قبلها نافلة المغرب، اللهم إلا أن يراد ليس قبلها لها، فتأمل. واجماع السرائر ممنوع عليه كما عن كشف الرموز، ومعارض بمثله كما ستعرف - كان ظاهر جماعة التردد في الحكم، بل هو صريح آخر، بل عن الشيخ في النهاية وأبي العباس في المهذب التصريح بعدم سقوطها، بل عن الخلاف لا تسقط عن المسافر نوافل الليل اجماعا، بل عن الأمالي من دين الإمامية أنه لا يسقط من نوافل الليل شئ وقواه الشهيدان في الذكرى والروضة، بل مال إليه في الذخيرة، واستجوده في المدارك لولا ضعف خبر ابن أبي الضحاك (1) السابق بعبد الواحد وعلي بن محمد كما عن شيخه ذلك أيضا لكن قال: لولا الاجماع.
وفيه أن الخبر الأول قاصر عن معارضة ما سمعته من الأدلة السابقة من وجوه، منها اعراض الأكثر عنه بل الجميع إلا النادر، بل قيل: إن الشيخ قد رجع عنه في جملة من كتبه كالحائريات والجمل والعقود والمبسوط، والشهيد وإن قواه في الذكرى لكن قال: إلا أن ينعقد الاجماع على خلافه مشعرا بنوع تردد فيه، مع أن ظاهر عبارته في اللمعة والدروس القول بالسقوط، مضافا إلى ما سمعته من دعوى الاجماع صريحا وظاهرا التي يشهد لها التتبع، فمنع الآبي لها في غير محله، كمعارضتها بدعوى الاجماع من الخلاف والأمالي الموهونة بذهاب المشهور، وأي شهرة نقلا وتحصيلا إلى السقوط، فهي أولى بالمنع، مع الاغضاء عن إفادة عبارة الأمالي الاجماع، بل قد يدعى عدم اندراج الوتيرة في نوافل الليل التي هي المعقد كعبارة الخلاف، بل هي أولى، إذ هي أضعف منها عموما وخصوصا، مع دعوى الاجماع فيها التي يبعد إرادته لما يشملها،