القدماء لم تنقل فتاواهم لنا في ذلك، كالمرتضى وغيره، وظاهر ابن حمزة التردد، حيث نسب النجاسة إلى أحد القولين، كما أن الحلبي في إشارة السبق قال: فيه خلاف، بل لعله ظاهر ابن زهرة أيضا، حيث نسبه إلى إلحاق الأصحاب، وصريح المراسم الطهارة بعد أن نسب النجاسة إليهم أيضا، وهو مؤذن بعدم إرادته الاجماع منه، ومقنعة المفيد مع أنه لا صراحة فيها بالنجاسة، بل لعل ظاهر ذيلها ذكر الاحتياط في الطهارة كالتهذيب قد حكى عنه في السرائر وغيرها رجوعه عن ذلك في رسالته إلى ولده، وظاهر المحكي عن المبسوط التردد، بل في صريح الذكرى وظاهر السرائر وعن الدلائل حكاية قوة الكراهة عن المبسوط بعد أن نسب عدم جواز الصلاة إلى رواية أصحابنا، ويؤيده عدم ذكره له في تعداد النجاسات في الجمل، ولذا قال في السرائر: " إن من قال بالنجاسة قد رجع عنه في كتاب آخر له، فصار ما اخترناه إجماعا " انتهى.
فانحصر الخلاف حينئذ في الصدوقين والمحكي عن ابني الجنيد والبراج، وتحقق عظمة الشهرة بهؤلاء كما ترى، خصوصا مع عدم ثبوته عن الأخيرين إلا بالنقل الذي هو محل الخطأ.
من هنا نسب القول بالطهارة في المختلف والذكرى وعن الكفاية إلى المشهور، بل في المحكي عن ابن الجنيد ما يشعر بإرادة الاحتياط، حيث قال بعد أن ذكر وجوب غسل عرق الجنب من حرام " وكذلك عندي الاحتياط إن كان جنبا من احتلام ثم عرق في ثوبه " انتهى، لظهور تشبيهه بما ذكرنا.
ويؤيد ذلك كله نسبة القول بالطهارة في المختلف والذكرى وعن الكفاية إلى المشهور من غير تقييد له بالمتأخرين، بل عن شرح الموجز أن القول بالنجاسة للشيخ، وهو متروك، كما أنه بذلك كله وإعراضه عامة المتأخرين كما حكاه غير واحد يوهن إجماع الخلاف والأمالي أيضا.