هنا مفقود، فلا ثمرة للعلم بعد ذلك، بل لا بد من الجزم في نية كل عبادة يفعلها، والصلاة مشروطة بطهارة الثوب، والمصلي هنا لا يعلم في شئ من صلاتيه طهارة ثوبه، فلا يعلم أن ما يفعله صلاة.
وحاصل ثانيهما أن الواجب عليه إنما هي صلاة واحدة، ولا يعلم أيتهما هي واجبة فلا يمكنه نية الوجوب الذي هو الوجه في شئ منهما.
وفي الأول منع واضح وإن أراد بالعلم ما يشمل الشرعي، إذ الشرط الطهارة لا العلم بها، ولئن سلم من جهة استلزام عدم معلومية حصول الشرط مع التنبه عدم العلم بحصول المشروط المستلزم لعدم إمكان نيته والجزم بحصول القرب به، فلا نسلم وجوبه في نحو المقام وإن قلنا به مع الامكان، ولا ينافي ذلك القول ببقاء شرطية طهارة الثوب الواجب تحصيلها بالتكرير، لامكانها دونه فيسقط.
فلعل ذا هو الذي أراده المصنف في الرد عليه بمنع كون اليقين بالطهارة شرطا، بل يكفي عدم العلم بالنجاسة وإن كان ظاهر عبارته يوهم غير ذلك مما هو واضح الفساد عندنا.
كما أن منه ظهر لك ما في آخر قول الخصم من دعوى عدم العلم بكون ما يفعله صلاة إذ هي ممنوعة على مدعيها، بل يعلم أن كلا منهما صلاة، كما يومي إليه النص والقاعدة السابقتان، واحدة بالأصالة، وأخرى بالعارض، وإن لم يعلم طهارة ثوبه في كل منهما، لكنه لا ملازمة بين ذلك وبين العلم بكون كل منهما صلاة.
بل من التأمل في هذا ينقدح لك ما في ثاني جوابيه، ضرورة تمكنه حينئذ من نية الوجوب في كل من الصلاتين وإن اختلفا بالأصالة والمقدمية التي لا يجب التعرض لهما في النية لو قلنا باعتبار نية الوجه، أما على المختار من عدم وجوبها فيسقط الجواب من أصله.
إلا أن يقرر بطريق آخر، كأن يبدل الوجه فيه بالقربة، فيقال: إنه لا يتمكن من نية