لو صادف عدم الماء في الخارج أو عدم التمكن من الاغتسال؟ ربما يظهر من بعضهم العدم، إما لكون هذا التيمم تيمما تعبديا ليس بدلا عن الماء، فلا يجري عليه هذه الأحكام، أو لأن استباحة الأمور الأخر به مبنية على التداخل، والفرض عدم نية غير الخروج، اللهم إلا أن نقول به من دون نية، قلت: وكل منهما لا يخلو من نظر، أما أولا فلما عرفت سابقا من كون هذا التيمم إنما هو على حسب سائر التيممات حيث يفقد الماء للمشروط سيما بالنسبة إلى غير مورد الرواية من أفراد الجنب، نعم مع الشرط المتقدم من قصر الزمان ونحوه للطهارة، فما يقال: إنه ليس ببدل عن الماء لا وجه له، وأما ثانيا فلأنه مع فرض كونه صوريا ولكن صادف المحل واقعا يكون من قبيل وضوء الجنب والحائض ثم بان عدم الجنابة والحيض فإن الأقوى فيهما صحة الوضوء، لعدم اشتراط نية الرفع والاستباحة، بل ولا يقدح نية عدمهما، وأما ثالثا فلأن مسألة التداخل خارجة عما نحن فيه، إذ تلك مسببات لأسباب متعددة، بخلاف ما هنا، فإنه من باب تداخل الغايات، فيكون كالوضوء المنوي به استباحة الصلاة مثلا، فإنه يستبيح به غيرها من الأمور الأخر وإن لم ينوها، فتأمل جيدا. فإنه قد أطال بعض المتأخرين زعما منه بناؤها على ذلك، هذا كله فيمن تيمم وخرج ولم يكن عالما بعد التمكن من الاغتسال، أما إذا كان عالما بعدم التمكن لمرض أو غيره فهل يتعين عليه التيمم للخروج ثم إنه يتيمم للدخول أو أنه يكتفي بتيمم واحد ولا يحتاج إلى الخروج بل يستبيح المكث والصلاة وغير هما بذلك؟ الأقوى الثاني، وما يقال: إن أقصى ما يستفاد من الأدلة جواز المكث بالتيمم الخروجي دون غيره فيه من الضعف ما لا يخفى، سيما بعد البناء على أن الخروج من جملة الغايات المشروطة بالطهارة وأن التيمم له لذلك، ولو اتفق انحصار التمكن من الغسل في المسجد فالظاهر جواز استباحة المكث بالتيمم، لكن قد يقال: إنه مما يقتضي وجوده عدمه، فلا يجوز، فإنه متى استبيح بالتيمم المكث للغسل
(٦٣)