ومما يرشد أيضا إلى عدم كون التيمم موافقا للقاعدة إطلاق النص والفتوى بوجوبه من غير تقييد بما إذا لم يتمكن من الاغتسال، مع أنه لا إشكال في اشتراط التيمم الذي هو على وفق القاعدة بعدم التمكن من الطهارة المائية، بل صرح بعضهم هنا بوجوب التيمم سواء تمكن من الاغتسال أو لا بزمان مساو للتيمم أو أقصر أو لا، كما أنه صرح بعضهم أن هذا الموضع أي الخروج من المسجدين مما يختص به وجوب التيمم عن الاغتسال، نعم ربما ظهر من الشهيد (رحمه الله) فقط القول بوجوب الاغتسال بشرط مساواة زمانه لزمن التيمم أو أقصر، وربما تبعه عليه بعض من تأخر عنه معللا ذلك بأن فيه جمعا بين ما دل على وجوب التيمم هنا وبين ما دل على اشتراطه بعدم الماء، مع أن إطلاق الحكم بوجوب التيمم في الرواية مبني على الغالب من عدم التمكن من الاغتسال بدون تلويث للمسجد في النجاسة، سيما مع كون مورد الخبر المحتلم، أو على الغالب من زيادة زمان الغسل على زمن التيمم، وربما يؤيده معروفية كون التيمم طهارة اضطرارية لا ترتكب إلا مع فقد الماء حتى صار ذلك أصلا بالنسبة للتيمم، فيكون الاطلاق حينئذ منزلا على القيد المعلوم، وأيضا لا يتصور مانع من جواز الغسل سوى استلزامه للمكث المحرم، وهو إذا جاز للتيمم مع عدم إذهابه لحدث الجنابة فليجز بالنسبة للغسل بطريق أولى، بل هو الموافق لقوله (عليه السلام): (ولا يمر فيه جنب).
وفيه - بعد تسليم عموم الأدلة الدالة على اشتراط كل تيمم بعدم الماء - أنه ينبغي القول حينئذ بوجوب الغسل طال زمانه على زمن التيمم أو قصر، والاعتذار عن ذلك بعدم وجود القائل به ضعيف، إذ كما أنه لم يقل أحد قبل هذا القائل بوجوب الاغتسال مع طوله على زمان التيمم كذلك لم يقل أحد به مع قصره، لاطلاق الأصحاب وجوب التيمم، وتنزيله كالرواية على الغالب يقضي بوجوب الاغتسال وإن طال، بل المتجه