واختاره بعض المتأخرين من أصحابنا، وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في وجوب التيمم بالنسبة للمحتلم في المسجد. لما تسمعه من الصحيح المعتضد بالعمل، بل في ظاهر المعتبر والمنتهى الاجماع عليه، خلافا لابن حمزة من القول بالاستحباب. وهو مع خلوه عن المستند عدا الأصل الذي لا يصلح لمعارضة ما ذكرنا ضعيف، ومن هنا نسبه في المعتبر والمنتهى إلى علمائنا من غير إشارة إلى خلاف.
نعم وقع ما سمعت من الاختلاف في عبارات الأصحاب، فمنها في الجنب في المسجد احتلاما أو غيره، ومنها مطلق الجنب ولو في خارج المسجد، ومنها خصوص الاحتلام، ولعل مستند (الأول) - بعد الفاء الفارق بين الاحتلام في المسجد والجنابة فيه - صحيح أبي حمزة (1) على ما رواه المحقق في المعتبر قال: قال أبو جعفر (عليه السلام):
" إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فاحتلم أو أصابته جنابة فليتيمم، ولا يمر في المسجد إلا متيمما " والمعروف من روايته في كتب الأخبار وغيرها (فأصابته جنابة) فيخرج حينئذ عن الاستدلال به لذلك، على أنه أيضا لا يشمل جميع صور الدعوى بناء على ما هو الظاهر منه من عطفه على قوله (فاحتلم) إذ لا يشمل حينئذ الجنابة في حال اليقظة، إلا أن روايته بأو أوفق بصحة المعنى من الفاء، فتأمل. ولعل مستند (الثاني) - بعد عدم تعقل الفرق بين الأفراد كلها أي الاحتلام وغيره في المسجد أو خارجه، بل قد يكون الضمير في قوله: (ولا يمر) راجعا إلى الجنب المستفاد من قوله (عليه السلام): (فأصابته جنابة) لا إلى المحتلم - إن التيمم للخروج على وفق القاعدة، فلا فرق حينئذ، وذلك لمكان الاجماع على الظاهر، والأخبار على حرمة المرور والمشي للجنب في المسجدين، وقد علم من خارج عموم بدلية التراب عن الماء، فيجب عليه حينئذ التيمم بدلا عنه للخروج، كما إذا اضطر إلى دخولهما .