فظهر من ذلك أن الأقوى الأول، ومنه تعرف عدم جواز تقديم الأغسال على الوقت مع استمرار الدم، إلا أن يدخل عند الفراغ، فإن الظاهر حينئذ ما عن نهاية الإحكام من الاجزاء، لكن ينبغي أن يستثنى من ذلك التقديم لصلاة الليل كما ذكره جماعة من الأصحاب، ونسبه في كشف اللثام إلى الصدوقين والسيد والشيخين والأكثر، بل في الذخيرة أني لا أعلم فيه خلافا، ونسبه غيره إلى الأصحاب مشعرا بدعوى الاجماع عليه، لكن قد استشكله بعض متأخري المتأخرين بعدم الدليل عليه، وربما استدل له باطلاق ما دل على الجمع بين كل صلاتين بغسل، وهو كما ترى. نعم قد يستند له بما في الفقه الرضوي (1) لكنه مع اختصاصه بالمتوسطة يشكل الاعتماد عليه لعدم ثبوت حجيته، إلا أنه قد عرفت كون الحكم مسلما عندهم، بل لعله يدخل تحت معقد إجماع الخلاف، فإنه لما ذكر أحكام المستحاضة التي من أقسامها الكبرى قال:
" إنها تجمع بين صلاة الظهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، والفجر وصلاة الليل بغسل، قال: وتؤخر صلاة الليل إلى قرب الفجر وتصلي الفجر بها - إلى أن قال -: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم " انتهى. ومما ذكره أخيرا يعلم أنها ليس لها أن تقدمه زائدا على الغرض من صلاة الليل، ويؤيده الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن، لكن ذكر في الروض أنها لو زادت على ذلك فهل يجب إعادته؟ يحتمل: لما مر في الجمع بين الصلاتين، وعدمه للإذن في التقديم، وفيه أنه لم نجد إطلاقا في ذلك حتى يستند إليه سوى الفقه الرضوي، مع أنه ليس فيه إلا (أنها تغتسل لصلاة الليل والغداة بغسل) ولعل المنساق منه ما سمعته من الخلاف.
ثم إن الظاهر قصر جواز التقديم المذكور على الغاية المتقدمة أعني صلاة الليل، فليس لها حينئذ أن تقدمه بدون ذلك، بل لو فعلته بهذه النية إلا أنه عرض لها ما منعها