على إرادة ما ذكرنا، و لعله الذي أراده العلامة في المنتهى، قال بعد أن استوجه عدم إرادة التخيير: " بل المراد التفصيل اعتمادا على اجتهاد المرأة في قوة المزاج وضعفه الموجبين لزيادة الحيض وقلته ".
قلت: لم أعثر على أحد ممن قال بالوجوب صرح بدعوى الوجوب التخييري، بل هو شئ تخيله المتأخرون من الترديد في كلام القائلين بالوجوب كالأخبار، ومن المحتمل بل لعله الظاهر إرادة المردد منهم ما ذكرناه في الأخبار، على أن الحمل على الوجوب التخييري لا يصلح إلا على إرادة التخيير في الحيض والاستحاضة، ويتبعهما حينئذ ما يترتب عليهما، وإلا فلا معنى للتخيير بين الواجب وعدمه، ولا يخفى ما فيه من البعد من مدلول الأخبار، بل يمكن دعوى القطع بعدمه، لعدم الإشارة إليه في شئ منها، بل قد يظهر منها خلافه، إذ قضيتها جواز الترك لها في اليوم واليومين مثلا، وقضية هذا التخيير تحقق الوجوب عليها، والإثم بمجرد اختيارها الطهارة، كحرمة العبادة بمجرد اختيارها الحيض، على أنه لم يعلم حينئذ أنها هل تجري عليها جميع أحكام الطاهرة من المواقعة والطلاق ودخول المساجد وقراءة العزائم ونحو ذلك بمجرد الاختيار المذكور، أو أنه في خصوص العبادة إلى غير ذلك من الأحكام الكثيرة اللازمة لهذا الوجه مع عدم الإشارة في شئ من الأدلة إليها، على أنه كيف يتجه الترديد على إرادة التخيير فيما يظهر به حالها الذي هو مفاد الأمر بالاستظهار مع كون المظهر هو تجاوز العشرة وعدمه عندهم كما يشير إليه تفصيلهم الآتي فيه.
ومن ذلك كله تعرف ما في حملها على الاستحباب التخييري، لاشتراكه مع القول بالوجوب في جميع ما ذكرناه مما يرد عليه، وعرفت ما في تأييده بما تقدم من اشتمال الأخبار على الترديد الذي لا يجامع الوجوب، لما ظهر لك أن المراد به على المختار