الظاهر أن الغالب فيه أن يكون أحمر شديد الحمرة جدا بحيث يميل إلى السواد، فصح وصفه بهما.
وكيف كان فقد قال في المدارك تبعا لجده في الروض: أنه يستفاد من هذه الروايات أن هذه الأوصاف خاصة مركبة، فمتى وجدت حكم بكون الدم حيضا، ومتى انتفت انتفى إلا بدليل من خارج، وإثبات هذا الأصل ينفع في مسائل متعددة من هذا الباب، وتبعهما على ذلك بعض من تأخر عنهما كصاحبي الذخيرة والحدائق، واعترضه في الرياض تبعا لشرح المفاتيح بما حاصله أنه لا دلالة في هذه الأخبار على ذلك، بل المستفاد الرجوع إليها عند الاشتباه بينه وبين الاستحاضة خاصة، ومن هنا تراهم عند الاشتباه بينه وبين العذرة أو القرحة مثلا لم يذكروا شيئا من ذلك، على أنك قد عرفت أن منشأ هذه الأوصاف إنما هو مجرد الغلبة، وإلا فقد تتخلف، فكيف تكون خاصة، وستعرف أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، ومن هنا قيد بالأغلب، كما أنك قد عرفت أن دم الحيض من الموضوعات التي لا مدخلية للشرع فيها، وأنه دم معروف كالمني والبول وغيرهما، فلو قطع بكون مسلوب الصفات حيضا ما كان لنفيه معنى والحكم له بغيره.
قلت: هو متجه، لكنه لا ريب في كون المستفاد منها تمييزه عن الاستحاضة بذلك وإن كانت أغلبية، وهو مناف لما ستعرفه من الأصحاب من أن كل ما أمكن كونه حيضا فهو حيض، وتظهر الثمرة بينهما في عدة مقامات، منها ما لو رأت المبتدأة دما ليس في صفات الحيض، فإنه بناء على الاعتداد بها لا يحكم بحيضيته ابتداءا بخلافه على الثانية، وكذا لو رأت ذات العادة الوقتية دما كذلك قبل العادة، ولعل الأقوى في النظر البناء عليها بالنسبة إلى هذه المقامات وما أشبهها، وقد يكون ذلك مرادهم وإن قصرت عبارتهم عنه، وتعرف فيما يأتي إن شاء الله زيادة تحقيق له، وأما دعوى اختصاص