(فإذا أسلم وجب عليه) الغسل عندنا بلا خلاف أجده فيه (ويصح منه) لموافقته للشرائط جميعها، إذا الظاهر أن المراد بكونه يجب ما قبله إنما هو بالنسبة للخطابات التكليفية البحتة، لا فيما كان الخطاب فيها وضعيا كما فيما نحن فيه، فإن كونه جنبا يحصل بأسبابه، فيلحقه الوصف وإن أسلم، فكذا المخالف، ولعل الأول أقوى.
(ولو اغتسل ثم ارتد) الكافر بعد إسلامه واغتساله (ثم عاد لم يبطل غسله) لعدم الدليل على كون الردة ناقضة للغسل كما هو واضح، ولو حذف قوله: (ثم عاد) لكان أخصر وأوضح، ولو كان الارتداد عن فطرة فإن قلنا بعدم قبول توبته مطلقا في الظاهر والباطن فلا إشكال في عدم صحة الغسل منه وإن كان مكلفا به، ولا قبح لأن ما بالاختيار لا ينافي الاختيار، مع احتمال أن يقال: إنه لا تتوجه إليه الخطابات، لكنه يعاقب عقاب التارك المختار، وإن قلنا بقبول توبته في الباطن دون الظاهر احتمل القول بصحة الغسل منه كسائر العبادات وإن جرى عليه حكم الكفر بالنسبة إلى غيرها من الأحكام كالقتل وعدمه، واحتمل القول بصحته بالنسبة إليه وإن جرت عليه أحكام الجنب بالنسبة إلينا، وكذلك طهارة بدنة ونجاسته، فتأمل جيدا، ويأتيك التحقيق إن شاء الله في محله.
وإذ قد تقدم منا الإشارة إلى كون غسل الجنابة من قبيل خطابات الوضع وجب التعرض لبعض الكلام في المسألة، فنقول يظهر من جماعة من الأصحاب بل لا أجد فيه مخالفا على القطع كونه كذلك، فيجب على الصبي الغسل بعد بلوغه لو أولج في صبية، أو أولج فيه من صبي أو بالغ، وتجري عليه أحكام الجنب الراجعة لغيره كمنعه من المساجد مثلا، وقراءة العزائم، ومس كتابة القرآن إن قلنا بوجوب مثل ذلك على الولي أو عليه وعلى غيره، وكذا يجري عليه حكم كراهة سؤره مثلا، ونحو ذلك من فوائد النذر واليمين، وبه صرح في المعتبر والمنتهى والدروس والروض، وتوقف فيه في التذكرة والتحرير والذكرى والذخيرة، وكأن وجه الاشكال هو أن خطابات الجنابة