القصد تكون جزء من السورة عندنا، وجزؤها جزء أيضا، فلا إشكال في الحكم هنا بالنظر إلى كلمات الأصحاب وإجماعاتهم، نعم قد استشكله بعض متأخري المتأخرين بالنظر إلى الأخبار، إذ الوارد فيه موثق زرارة ومحمد بن مسلم (1) عن الباقر (عليه السلام) " الحائض والجنب يقرءان شيئا؟ قال: نعم ما شاء إلا السجدة " ونحوه حسنته أو صحيحته أيضا قال: وهما مع قصور سندهما لا دلالة فيهما على تحريم ما عدا نفس السجدة، فتكون الحرمة مختصة بها، وفي كشف اللثام " أن ذلك محتمل الإنتصار والاصباح والفقيه والمقنع والهداية والغنية وجمل الشيخ ومبسوطه ومصباحه ومختصره والوسيلة " انتهى. قلت: قد عرفت منشأ الاحتمال من التعبير بلفظ العزائم ونحوه، لكن قد ظهر لك أن المراد خلافه بقرينة الاجماعات المتقدمة. وأما ما ذكره في الروايات من الطعن في السند فالظاهر خلافه كما هو واضح لمن لاحظ أسانيدها، مع أنه نقل عن الصدوق في علل الشرائع أنه روى في الصحيح (2) عن زرارة قال: قلت " فهل يقرءان من القرآن شيئا " إلى آخره، وبعد التسليم فهو منجبر بما سمعت، كما أن ما ذكروه بالنسبة للمتن كذلك، مع أن الظاهر خلافه أيضا، وذلك لأنه لا بد من تقدير مضاف، إذ لا يراد السجدة التي هي وضع الجبهة قطعا، وهو إما أن يكون لفظ السورة أو الآية، ولعل الأول أولى، لاشتهار التعبير عن السور بنحو ذلك من الألفاظ المشهورة كالبقرة وآل عمران والأنعام والرحمان، مع أنه الموافق لفهم الأصحاب والاجماعات المتقدمة، ويشهد له أيضا ما في المعتبر، حيث قال: " يجوز للحائض والجنب أن يقرءا ما شاءا من القرآن إلا سور العزائم الأربع، وهي اقرأ والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة، روى ذلك البزنطي في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل (3) عن أبي
(٤٤)