صاحب الكفاية وان كان امرا معقولا في نفسه الا ان الحكم الذي يشترك فيه العالم والجاهل هو الحكم الفعلي لا الانشائي، لان الحكم الفعلي هو الذي فيه جهة البعث دون الانشائي، فإنه لا بعث فيه، بل هو في الحقيقة ليس حكما.
وبالجملة: لو لم نلتزم بمذهب صاحب الكفاية والتزمنا بان الحكم الواقعي في مورد الطرق والامارات فعلي لا انشائي، فهل الالتزام بالاجزاء يلازم التصويب وارتفاع الحكم الواقعي أولا؟. نقول: انه حيث عرفت ابتناء القول بالاجزاء على القول بالسببية، فإن كان شان السببية ومرجعها إلى رفع الحكم الواقعي بلحاظ ثبوت المصلحة المعادلة لمصلحة الواقع في مؤدى الامارة، فيوجب ذلك تخيير الشارع بين العمل بالواقع والعمل على طبق الامارة، فيرتفع الوجوب التعييني الواقعي ويصير الوجوب الثابت تخييريا، وعلى هذا الأساس يقال بالاجزاء، لان الواجب أحدهما وقد جاء به فيتحقق الامتثال - إذا كان مرجع السببية إلى ذلك -، فالقول بالاجزاء ملازم للتصويب، لارتفاع الحكم الواقعي الثابت، فان الحكم الواقعي كان هو الوجوب التعييني وقد فرض تبدله إلى الوجوب التخييري بقيام الامارة. وان كان مرجع السببية إلى رفع موضوع الحكم الواقعي بقاء لا حدوثا، فيسقط امتثاله في مرحلة البقاء لارتفاع موضوعه، وذلك ببيان: ان الحكم الواقعي يبقى فعليا على ما هو عليه، إلا أنه بعد الاتيان بمؤدى الامارة المشتمل على مصلحة يستوفى بها مصلحة الواقع لا يبقى مجال بعد ذلك لامتثال الواقع لسقوطه باستيفاء مصلحته، فيكون نظير ما لو وفى عمرو الدين الذي في ذمة زيد، فان المأمور بالوفاء وان كان زيدا لكنه بأداء عمرو يرتفع موضوع الامر فيسقط بعد أن كان. فالحكم الواقعي لا يرتفع بقيام الامارة، بل يبقى لكنه يسقط بامتثال الامر الظاهري، لارتفاع موضوعه في مرحلة البقاء لا الحدوث والا لزم ارتفاعه بقيام الامارة. ان كان مرجع السببية ذلك لم يكن القول بالاجزاء ملازما للتصويب، لبقاء الامر الواقعي على ما كان عليه وعدم ارتفاعه