هو مانعية كل منهما للاخر.
ومن هنا يثار سؤال أو اشكال: بان نفي التمانع بين الضدين ينافي الوجدان والبديهة، فان التمانع بينهما كالنار على المنار والشمس في رابعة النهار - كما قال في الكفاية - كما أن عدم المانع من المقدمات بلا اشكال، فما قيل مما ينافي ذلك شبهة في مقابل البديهة، وهي لا تكون مورد القبول.
وأجاب عنه في الكفاية: ان التمانع بين الضدين وان سلم بلا تردد، لكنه بمعنى يختلف عن المعنى الذي يكون عدمه من المقدمات، فدعوى المقدمية ناشئة من الخلط بين المعنيين.
بيان ذلك: ان التمانع بين الامرين تارة: يكون في مرتبة الوجود، بمعنى انه لا يمكن اجتماعهما في الوجود. وأخرى: يكون في مقام التأثير بمعنى أن يكون أحد الامرين مانعا عن تأثير مقتضي الاخر فيه، فالمانع الذي يكون عدمه من المقدمات هو المانع بالمعنى الثاني نظير الرطوبة المانعة من تأثير النار في الحرقة. ومانعية الضد الاخر من قبيل الأول. فان التمانع بينهما ليس إلا بمعنى التمانع في الوجود وعدم امكان وجود أحدهما مع وجود الاخر من دون أن يؤثر أحدهما في مقتضي الضد الاخر ويمنع من تأثيره، فلا يكون عدمه من المقدمات.
وهذا المعنى هو الذي كان ينظر إليه صاحب الكفاية في الوجه الثالث من وجوه اشكاله على المقدمية (1). وسيتضح جيدا في مطاوي البحث.
هذا خلاصة ما افاده في الكفاية بتوضيح (2).
ولكن المحقق الأصفهاني (قدس سره) لم يرتض انكار المقدمية، وحاول تصحيحها بلا ورود أي اشكال.