وعلى الثاني: فالمقتضي لكلا الضدين وان أمكن فرض وجوده، لعدم امتناع تعلق إرادة أحد الشخصين بايجاد أحد الضدين وتعلق إرادة الشخص الاخر بايجاد الضد الاخر، الا ان وجود أحدهما يستند إلى أقوائية قدرة أحد الشخصين على الاخر بحيث يتغلب عليه. فيكون عدم الضد الاخر لاجل عدم حصول شرطه، وهو القدرة لا لاجل وجود المانع وهو الضد. فلا يستند عدم الضد إلى وجود الضد الاخر الا بنحو التعليق والتقدير.
وقد أجاب عنه صاحب الكفاية: بأنه وان رفع اشكال الدور ونفي التوقف الفعلي من الطرفين، الا ان محذور الدور موجود بحاله وهو لزوم الخلف، لان الاعتراف بصلاحية استناد العدم إلى وجود الضد - عند فرض وجود المقتضي والشرط - اعتراف بكون وجود الضد في رتبة سابقة على عدم الضد الاخر - لأنه في رتبة المانع - فيمتنع ان يستند وجود الضد إلى عدم الاخر، لأنه يستلزم تقدم ما هو المتأخر وهو خلف.
وربما يقال: بان استناد عدم أحد الضدين إلى وجود الاخر معلق على وجود المقتضي والشرط، فالاستناد إليه مأخوذ بنحو القضية الشرطية. ومن الواضح ان صدق القضية الشرطية لا يستلزم صدق طرفيها، كما يشهد له قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا) (1)، وقد عرفت امتناع تحقق المقتضي أو الشرط لاحد الضدين مع الضد الاخر. ومعه لا يكون وجود أحد الضدين صالحا للمانعية في حال من الأحوال لامتناع صدق المقدم. فينتفي محذور الخلف أيضا.
واستشكل فيه صاحب الكفاية: بان هذا القول يساوق نفي مانعية كل من الضدين للاخر، ومعه لا يكون عدم أحدهما مقدمة للاخر، لان أساس ذلك