الاندكاك كذلك، إذ بعد فرض حصول الاندكاك في منشاء الجعل وعدم وجود إرادتين، بل ليس هناك إلا إرادة واحدة لا يعقل فرض تحقق حكمين مجعولين لخلوهما عن منشاء الجعل، فليس لدينا أيضا سوى حكم واحد مجعول هو الحكم الغيري المشوب بجهة رجحان نفسية.
وتقريب الدعوى الثانية: ان صلاة الظهر ونحوها مما كان واجبا في نفسه لم يثبت تعلق الامر الغيري بها، إذ هناك من يرى عدم صحة تعلقه لوجود المانع وهو الامر النفسي، فيرتفع موضوع الايراد على هذا ولو سلم تعلق الامر الغيري بها، فهو مندك بالأمر النفسي. ومن الواضح ان المغلب هو جانب الإرادة النفسية، والامر النفسي لأقوائيته، فيمتنع قصد الامر الغيري حينئذ لعدم وجوده، فلا بد من قصد الامر النفسي المتعلق بها.
واما الصوم للاعتكاف، فموضوع البحث منه ما إذا كان الاعتكاف واجبا ولم يكن الصوم واجبا، فيكون حاله حال الطهارات المشتملة على جهة استحباب نفسي ووجوب غيري.
ولا يخفى ان الالتزام بصحة قصد الامر الغيري فيه وصحته بذلك لا محذور فيه، ولم يثبت قيام الاجماع بنحو يكون حجة على خلافه، إذ لا تصريح للكل بذلك، فدعوى الاجماع ترجع إلى نسبة الحكم إليهم اجتهادا.
وبذلك تعرف اندفاع ما افاده المحقق النائيني بحذافيره.
وقد تصدى صاحب الكفاية للجواب عن اشكال الاكتفاء بقصد الامر الغيري وصحة الفعل بالاتيان به بهذا القصد، بما توضيحه: ان الامر الغيري حيث إنه متعلق بالفعل العبادي، فهو انما يدعو إليه، لان الامر يدعو إلى ما تعلق به فيقصد التقرب بالفعل بتوسط قصد الامر الغيري، فمعنى الاتيان بالعمل بداعي أمره الغيري هو الاتيان به بالنحو العبادي، لأنه هو الذي يدعو