التصرف فيه مخالفة للظاهر، بل تقييد الهيئة يرفع موضوع الظهور الاطلاقي، لا انه يتصرف في الظهور الثابت، والأول ليس فيه مخالفة للأصل، إذ مخالفة التقييد للأصل باعتبار انه مناف لظهور الاطلاق وموجب لرفع اليد عنه والتقييد ههنا ليس كذلك. واما إذا كان منفصلا، فحيث أنه قد أنعقد ظهور للمادة في الاطلاق، فرجوع القيد إلى الهيئة يوجب رفع اليد عن هذا الظهور وهو خلاف الأصل.
وبالجملة: الوجه انما يتجه في ما كان القيد منفصلا، اما إذا كان متصلا فلا يدور الامر بين تقييد وتقييدين، بل بين تقييد وتقييد، لان تقييد الهيئة يمنع من انعقاد ظهور المادة في الاطلاق، لا انه يرفع ظهورها المنعقد، كما هو الحال في القيد المنفصل، والمخالف للأصل هو الثاني دون الأول (1).
ولكن المحقق النائيني (قدس سره) وافق الشيخ (رحمه الله) وخالف صاحب الكفاية في تفصيله، بدعوى: انه مع دوران الامر في رجوع القيد المتصل إلى الهيئة أو المادة، يكون تقييد المادة وعدم تمامية الاطلاق فيها متيقنا، اما لرجوعه إليها واقعا أو لرجوعه إلى الهيئة.
وعليه، فيكون تقييد الهيئة مشكوكا بدوا فينفي بأصالة الاطلاق فيها.
وبالجملة: انه مع وجود القدر المتيقن في التقييد يكون الباقي مشكوكا ينفى بأصالة الظهور في المطلق. فأصالة الظهور في طرف الهيئة بلا معارض لكون المتيقن تقييد المادة، واما تقييدها فهو مشكوك ينفي بالأصل (2).
هذا، ولكن حيث إن أساس هذه المناقشات والدعاوي هو استلزام تقييد الهيئة لتقييد المادة دون العكس التي أخذ في الكلمات مفروغا عنه، لا بد لنا من معرفة مقدار صحة ذلك.