وإذا تبين هذا يعلم ان ما ذكره صاحب الكفاية من رجوع شرائط الحكم إلى التصور والعلم انما يتم في ما إذا كانت الاحكام بنحو القضايا الخارجية، لا ما إذا كان الحكم بنحو القضية الحقيقية، لما عرفت في انحصار التأثير في الأولى في نفس العلم لا إلى الخارجيات. وعليه فلا يمتنع أن يكون مطابق العلم متقدما أو متأخرا، لان التأثير لصورته وهي مقارنة لا لوجوده الخارجي. اما القضايا الحقيقية فقد عرفت أن فعلية الحكم فيها لا ترجع إلى علم المولى وعدم علمه، بل ترتبط بوجود الموضوع وتحققه وعدمه. ومحل الكلام في الشرط المتأخر هو هذا النحو من الاحكام لا النحو الأول، فما جاء في الكفاية يكون نقلا للكلام إلى غير موضعه وخلطا بين القضايا الحقيقية والقضايا الخارجية (1).
وعلى اي حال فمحل الكلام وموضع البحث في نظر المحقق النائيني هو الاحكام المنشأة بنحو القضية الحقيقية، لأنها التي يتصور دخل الأمور الخارجية فيها، فيقع البحث في أنه هل يمكن ان يفرض امرا متأخرا عن الحكم وجودا دخيلا في وجود الحكم وتحققه أو لا؟، دون المنشأة بنحو القضية الخارجية لعدم تأثير الأمور الخارجية فيها، بل المؤثر فيها ليس إلا علم المولى وهو مقارن، وان كان المعلوم متأخرا أو متقدما لعدم تأثيره. اما الحكم المنشأ بنحو القضية الحقيقية فلما لم يكن لعلم المولى تأثير في تحققه وفعليته، بل التأثير لوجود موضوعه، فيتصور ان يؤثر فيه ما هو متأخر عنه، فيتكلم في أنه هل يمكن ان يؤثر في وجود الحكم ما هو متأخر زمانا عنه أو لا؟. والذي بنى عليه المحقق المذكور عدم امكان ذلك وامتناعه عقلا. ببيان: ان تعليق الحكم على امر مرجعه إلى أخذ ذلك الامر في موضوع الحكم، ومرجع ذلك إلى اخذه مفروض الوجود في مرحلة سابقة على الحكم في ثبوت الحكم، بمعنى ان ثبوت الحكم متفرع على