موضوع مقدر الوجود، ولا يلحظ فيه مقام الخارج وانه ثابت خارجا أو لا، بل الحكم ينشأ بنحو التعليق على وجود الموضوع خارجا بلا نظر للمولى إلى الخارج أصلا، فيقال مثلا: " يجب الحج على من يستطيع " اما تشخيص المستطيع خارجا والحكم عليه فهو أجنبي عن المولى وليس من وظيفته، بخلاف القضية الخارجية فان المولى في حكمه ناظر إلى الخارج ومرجع حكمه إلى تشخيص الموضوع وتعيينه بنفسه.
ولا يخفى ان فعلية الحكم يمكن أن تنفك عن إنشائه - في القضايا الحقيقية - فيتحقق انشاؤه فعلا بلا أن يكون فعليا، إذ فعليته تدور مدار ثبوت موضوعه، فقد لا يكون الموضوع حال الانشاء متحققا، فلا يكون الحكم فعليا وثابتا أيضا. ومن هنا التزم (قدس سره) بامكان انفكاك الجعل عن المجعول وان للمجعول عالما غير عالم الجعل. ونظر له بالوصية التمليكية، فان إنشاء التمليك يكون في حال الحياة مع أن الملكية لا تتحقق إلا بعد الموت بالانشاء السابق، لان موضوعها هو الموت وهو لم يكن متحققا حال الانشاء.
وكما تفترق القضايا الحقيقية عن الخارجية في هذه الجهة - أعني انفكاك الحكم المجعول عن الجعل والانشاء زمانا - كذلك تفترق عنها في جهة أخرى، وهي ان المؤثر في ثبوت الحكم في القضايا الخارجية على ما عرفت هو علم المولى بتحقق الموضوع وتشخيصه ذلك، وإن لم يكن في الواقع ثابتا. اما القضايا الحقيقية فليس الحال فيها كذلك، فان المؤثر في ثبوت الحكم من حيث الموضوع هو وجود الموضوع خارجا علم به المولى أو لم يعلم، لان الفرض كون الحكم منشأ على تقدير ثبوت الموضوع فيدور مدار ثبوته الواقعي لا مدار علم المولى، بخلاف القضية الخارجية، لان الحكم لم ينشأ على تقدير الموضوع، بل أنشئ فعلا على الموضوع الخارجي، فترجع جهة ثبوته إلى علم المولى بتوفر جهات الموضوع فيما حكم عليه وإن لم يكن كذلك واقعا.