كالخمرية والموت والملاقاة للنجاسة - فمن الظاهر تعذر ذلك. لاختلاف العناوين المذكورة مفهوما وموردا، بنحو يمتنع الكناية عنها بأجمعها، ليصلح الكلام لضرب القاعدة العملية.
وإن أريد به كونهما كناية عن السبب بعنوان كونه سببا، فكأنه قيل: كل شئ حلال أو طاهر حتى يتحقق سبب الحرمة أو النجاسة فيه، فمن الظاهر أن القضية المذكورة واقعية عقلية بديهية، وليست شرعية قابلة للجعل، وإنما تصلح للجعل لو أريد منها بيان غاية الحكم الظاهري لبيان الوظيفة العملية عند الشك، والتي لابد من أخذ العلم فيها غاية بنفسه على نحو الموضوعية، لا طريقا لما هو الغاية، فالوجه المذكور في غاية الضعف.
وأضعف منه كون النصوص واردة لبيان ما يعم القاعدة الواقعية والظاهرية لا غير، حيث يرد عليه ما تقدم في الوجه الأول مضافا إلى ملائمة الغاية لخصوص الظاهرية.
الخامس: ما عن بعض الأخباريين، وهو الظاهر من صاحب الحدائق في موثق عمار وحديث حماد ونحوهما من نصوص الطهارة، من ظهورها في إناطة النجاسة الواقعية بعلم المكلف، فهي لبيان قاعدة الطهارة الواقعية مع الشك.
وفيه: - مع منافاته لظهور أدلة أسباب النجاسة بل صراحة كثير منها في تأثيرها واقعا ولو مع الجهل بها - أن العلم بالنجاسة لا يكون غاية للطهارة الواقعية، لسبق النجاسة على العلم بها رتبة، المستلزم لاجتماع الطهارة والنجاسة في الرتبة السابقة على العلم. بل لا يكون العلم بالنجاسة إلا غاية للطهارة الظاهرية، فيكون الذيل قرينة على إرادة الطهارة الظاهرية لا غير.
وقد تحصل من جميع ما ذكرنا: أن النصوص المذكورة أجنبية عن الاستصحاب، بل هي مختصة بقاعدة الحل أو الطهارة الظاهرية، عدا حديث حماد، حيث لا يبعد دلالته على قاعدة الطهارة الواقعية والظاهرية معا في الماء.