الدين لو شك في تحقق بعض أجزائها، فإنه إن كان مع إحراز الفراغ من الكل، إما للانشغال بالمجموع ابتداء، أو للانشغال بالاجزاء بنحو التعاقب حتى استوفيت وفرغ من المجموع، وكان مرجع احتمال النقص إلى احتمال الغفلة منه عن تحقيق بعض ما قصده، حين الانشغال بما قصده، جرت القاعدة، وإلا لم تجر، كما لو احتمل إعراضه عن الكل بعد شروعه فيه، أو علم بعدم القصد من أول الامر للكل، وإنما قصد الاجزاء بنحو التفريق، واحتمل الغفلة عن الاتيان ببعضها.
الجهة الثانية: في مفاد القاعدة.
اقتصر في أكثر النصوص العامة والخاصة على عدم الاعتناء بالشك في مورد القاعدة وعدم وجوب الرجوع والتدارك بسببه، مثل ما تضمن أن الشك ليس بشئ، وأنه لا شئ بسببه على المشاك، وأنه يمضي ولا يعيد.
وهو بنفسه لا يقتضي التعبد بالمشكوك، فضلا عن إحرازه أو فرض قيام الامارة عليه، بل غايته تطبيق العمل في مقام الفراغ والامتثال على ما يناسب أحد طرفي الشك، نظير تطبيقه في مقام الاشتغال ووصول التكليف على ما يناسب أحد طرفي الشك في أدلة البراءة والاحتياط فيكون مضمون القاعدة أصلا عمليا محضا، لا تعبديا، أو إحرازيا، فضلا عن أن يبتني على أمارية شئ.
نعم، بناء على امتناع اكتفاء الشارع بالفراغ الاحتمالي، لان قاعدة وجوب الفراغ اليقيني بعد الاشتغال اليقيني عقلية غير قابلة للتخصيص، بل له التعبد بالفراغ مع الشك ليتحقق موضوع القاعدة المذكورة، يتعين حمل المضامين المذكورة على التعبد بالفراغ، صونا لها عن اللغوية، فتكون قاعدة تعبدية.
لكن تقدم في التنبيه الثاني من تنبيهات البراءة إمكان اكتفاء الشارع بالامتثال الاحتمالي، وأن حكم العقل بلزوم إحرازه إنما هو مع عدم ثبوت اكتفاء الشارع بذلك.