الامر السادس: يكفي في جريان الاستصحاب أن يكون لبقاء المستصحب أثر في مقام العمل سواء كان تعلق العمل به حين الشك في البقاء - كما في استصحاب طهارة الثوب لا ثبات مشروعية الدخول في الصلاة به - أم بعده - كما في موارد الشك في تأخر الحادث - أم حين اليقين بالحدوث - كما في استصحاب بقاء الدم ثلاثة أيام لترتيب آثار الحيض بمجرد رؤيته - أم قبله - كما لو وجب تهيئة الطعام للضيف إن كان يبقى إلى الظهر، وعلم يوم الخميس بمجيئه يوم الجمعة وشك في بقائه إلى الظهر، فإن استصحاب بقائه للظهر موجب لتنجز وجوب تهيئة الطعام، ولو بالمحافظة على مقدماته المفوتة - كل ذلك لعموم دليل الاستصحاب بعد تحقق أركانه من اليقين بالحدوث والشك في البقاء، وترتب العمل الرافع للغوية.
ومن هنا ذهب غير واحد لجريان الاستصحاب في الأمور المستقبلة.
ودعوى: انصرافه لصورة احتمال فعلية المشكوك ولو من جهة الموارد.
مدفوعة: بأنه لا وجه للانصراف المذكور، ولا سيما بعد كون القضية ارتكازية شاملة للجميع. كيف! ولازم ذلك اختصاصه بالصورة الأولى وعدم جريانه في الصورة الثانية، لفرض العلم بارتفاع المشكوك فيها.
وإلحاقها بالصورة الأولى دون الأخيرتين، تحكم بعد اختصاص المورد بالصورة الأولى، واشتراك الجميع في الدخول تحت العموم الارتكازي.
الامر السابع: اشتهر في كلام المتأخرين الفرق بين الامارة والأصل في الحجية في لازم المؤدى كما أشرنا إليه آنفا.
وقد تصدى غير واحد لبيان الفرق بينهما في ذلك، فذكر بعض الأعاظم قدس سره لذلك وجها طويلا أسهب في ذكر مقدماته..
وحاصله: أن مفاد أدلة إعتبار الامارة تتميم كشفها وجعلها علما تعبدا بالإضافة إلى المؤدى، فتترتب عليها آثار العلم به، فكما كان العلم الحقيقي