بالتاريخ.
الثاني: ما ذكره المحقق المذكور في الكفاية من اختصاص الصدر بقاعدة الطهارة أو الحلية للأشياء بعناوينها الأولية، كما هو الأصل في جعل الحكم، من دون أن يدل على قاعدة الحل أو الطهارة الظاهرية، وليس المراد بالغاية إلا بيان استمرار الحكم المذكور في الصدر، كما هو مفاد الاستصحاب، لا أنها تكون قرينة على اختصاص موضوع الحكم بما شك في طهارته أو حليته، ليختص الصدر بقاعدة الحل أو الطهارة الظاهرية.
ويظهر ضعفه مما تقدم من عدم ظهور الغاية في الحكم بالاستمرار زائدا على الحكم المغيى المذكور في الصدر، لتدل على الاستصحاب، بل ليست مسوقة إلا لتقييد الحكم المذكور في الصدر، لكونها رافعة لموضوعه، فتكشف عن أخذ الشك في موضوعه، وحيث يمتنع أخذ الشك بالحكم في موضوعه، كانت الغاية قرينة على كون الصدر مسوقا للحكم الظاهري، وإن كان مخالفا لظهوره البدوي، فتختص بقاعدة الحل أو الطهارة الظاهرية، دون الواقعية.
نعم، لا يبعد التفكيك بين الصدر والذيل بحمل الأول على الحكم الواقعي، والثاني على الحكم الظاهري في خصوص حديث حماد المختص بالماء، كما ذكرناه في مباحث المياه.
بتقريب: أن حمل الصدر فيها على بيان الحكم الظاهري موجب لالغاء خصوصية الماء، وتقييده بخصوص الماء المشكوك، مع كون خصوصيته كعمومه الافرادي ارتكازيا، فانس الذهن بذلك موجب لاستحكام ظهور الصدر في بيان عموم طهارة الماء بحسب أصله واقعا، الملزم برفع اليد عن ظهور الغاية في كونها غاية للحكم المذكور في الصدر، وتنزيلها على كونها غاية للعمل على الحكم المذكور وترتيب الأثر عليه، فكأنه قيل: الماء كله طاهر فليعمل على ذلك حتى يعلم أنه قذر.