المستتبعة للموافقة عقلا، ويجري نظير ذلك في استصحاب عدم التكليف، فإن إحراز عدم التكليف بالتعبد الشرعي كاف في المعذرية المستتبعة للعمل.
نعم، قد يقال: يكفي في المعذرية عن التكليف عدم المنجز له، كما هو مقتضى قاعدة قبح العقاب بلا بيان، وهو مقطوع به بلا حاجة للاستصحاب المذكور، فيكون الاستصحاب لغوا، لعدم الأثر العملي له.
لكنه يندفع: بأن عدم استحقاق العقاب مع عدم التكليف لعدم المقتضي للعقاب، ومع عدم تنجزه لعدم شرطه، فإحراز عدم التكليف بالأصل إحراز لعدم المقتضي، وبدونه لا يكون عدم العقاب إلا لعدم الشرط، ومثل هذا كاف في رفع لغوية التعبد عرفا وإن كان عدم العقاب مقطوعا به على كل حال.
وقد تقدم توضيح ذلك عند الكلام في الاستدلال على البراءة بالاستصحاب الثاني: ما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره حيث ذكر في آخر أدلة البراءة أنه استدل عليها بوجوه غير ناهضة، وذكر في جملتها استصحاب البراءة المتيقنة حال الصغر، وذكر له وجوها..
منها: استصحاب عدم المنع من الفعل، ثم قال: (وأما الاذن والترخيص في الفعل فهو وإن كان أمرا قابلا للجعل، ويستلزم انتفاء العقاب واقعا، إلا أن الاذن الشرعي ليس لازما شرعيا للمستصحبات المذكورة، بل هو من المقارنات، حيث إن عدم المنع عن الفعل بعد العلم إجمالا بعدم خلو فعل المكلف عن أحد الأحكام الخمسة لا ينفك عن كونه مرخصا فيه، فهو نظير إثبات وجود أحد الضدين بنفي الآخر بأصالة العدم).
وقد حمله تلميذه الآشتياني قدس سره على إرادة ما سبق من أن العدم ليس حكما شرعيا. وحمله بعض مشايخنا على ما سبق من عدم الأثر له في مقام العمل بعد القطع بعدم العقاب بقاعدة قبح العقاب.