مدفوعة: بأن اتحاد الوقائع في الحكم راجع إلى التلازم بين أحكامها الواقعية، ومن الظاهر أن الاستصحاب - كغيره من الأصول - لا ينهض بإثبات لازم مجراه، كي يكون جريانه في بعض الوقائع كافيا في إحراز الحكم في الوقائع الأخرى بعد عدم تمامية موضوع الاستصحاب فيها.
نعم، لو ثبت التلازم بينها في الحكم حتى في مقام الظاهر، بحيث يكون إحراز الحكم في بعضها لتمامية موضوع التعبد الظاهري فيه مستلزما لاحرازه في الباقي وإن لم يتم فيه موضوع التعبد فيه، اتجه البناء على ثبوت الحكم في الجميع وإن اختص جريان الاستصحاب ببعضها. لكن لا مجال لدعوى ذلك، لعدم الدليل عليه.
على أن الدعوى المذكورة لو تمت لزم سقوط الاستصحاب بالمعارضة، لوضوح أنه كما كان مقتضى الاستصحاب في الوقائع التي سبقت فعلية الحكم فيها هو ثبوت الحكم المحتمل نسخه، كذلك مقتضاه في الوقائع الأخرى عدم ثبوته، وليس إشراك الثانية مع الأولى في ثبوته بأولى من إشراك الأولى مع الثانية في عدمه.
هذا، ولا يخفى أن أصل الاشكال يبتني على أن الحكم بمجرد إنشائه كبرويا قبل فعليته بفعلية موضوعه ليس له ما بإزاء حقيقي مورد للأثر صالح للاستصحاب، وهو الذي وقع الكلام فيه بينهم، وعليه يبتني الكلام في المقام وفي الاستصحاب التعليقي وغيرهما.
ومن ثم ينبغي الكلام في ذلك مستمدا منه تعالى العون والتسديد..
فاعلم: أنه قد تصدى غير واحد لتقريب جريان الاستصحاب بوجوه ذكرت في الاستصحاب التعليقي جارية في المقام بتحرير يناسبه..
الأول: ما أشار إليه شيخنا الأعظم قدس سره من استصحاب نفس السببية والملازمة بين الموضوع والحكم، فان لها نحوا من التحقق وإن لم يوجد