بعقد مسائل.
المسألة الأولى: أشرنا آنفا للنزاع في أن القاعدة هل تقتضي الحمل على الصحة الواقعية أو الصحة بنظر الفاعل، وذكرنا أنه لا معنى للحمل على الصحة بنظر الفاعل، لعدم ترتب الآثار عليها، بل على الصحة الواقعية، فلابد من رجوع النزاع المذكور إلى النزاع في عموم الحمل على الصحة الواقعية لما إذا أخطأ الفاعل في تشخيص الصحيح.
وتوضيح محل الكلام في ذلك: أن الشك في صحة عمل الغير يكون...
تارة: مع الشك في تشخيصه بحسب اجتهاده أو تقليده للصحيح من الفاسد، بل يحتمل غفلته عن ذلك وعمله من دون بصيرة فيه، بل اكتفاء باحتمال إصابته للواقع، أو جريا على ميزان غير شرعي، كقانون دولة أو تعارف عشائري.
واخرى: مع العلم بجهله به وعدم تشخيصه له.
وثالثة: مع العلم بتشخيصه له، واعتقاده بنحو خاص فيه.
أما الأولى فالظاهر البناء على الصحة فيها بالنظر لحال السيرة، لما هو المعلوم من عدم تيسر معرفة حال الفاعل من هذه الجهة في كثير من الموارد، فلو بني على إهمال قاعدة الصحة فيها لزم الهرج والمرج واختلال النظام بالنحو المتقدم في الاستدلال على أصل القاعدة.
اللهم إلا أن يقال: ظاهر حال من يتصدى لعمل تشخيصه لما يعتبر فيه.
فالبناء على الصحة في عمله في فرض الشك في تشخيصه للصحيح مبني على هذا الظهور، لا على التعبد بها مع الشك المذكور ابتداء، غايته أنه لا يعلم كيفيته تشخيصه وأنه معذور فيه أولا، كما لا يعلم بكونه مصيبا في تشخيصه أو مخطئا فيه، فيدخل في الصورة الثالثة.
وكذا الحال في الصورة الثانية لو أريد منها العلم بعدم استناده لطريق يعذر فيه.