وربما كان هو مراد شيخنا الأعظم قدس سره في المقام، كما قد يومئ إليه تفسيره للحكومة بما يلائم ما ذكرناه في ضابطها. بل هو صريح ما في بعض النسخ الاخر، لقوله فيها: - بعد تفسير الحكومة بما ذكرناه صريحا - (فإن الشارع جعل الاحتمال المخالف للبينة كالعدم).
لكن عدوله عن النسخة المذكورة - كما هو الظاهر - وإجمال كلامه في مبحث التعارض أو ظهوره في ما نقلناه عنه أولا موجب للريب في إرادته لذلك.
وكيف كان، فالتوجيه المذكور يبتني على ما تقدم التعرض له غير مرة من الكلام في استفادة التنزيل المذكور من أدلة اعتبار الامارات، وأنه لا أصل له. وقد تقدم تفصيله في مبحث القطع الموضوعي.
هذا، وقد استشكل المحقق الخراساني قدس سره في تقريب الحكومة في المقام بما يرجع إلى الكلام في ضابط الحكومة. ولا مجال لإطالة الكلام فيه هنا، بل يوكل لمبحث التعارض.
أما بعض الأعاظم قدس سره فقد قرب حكومة الامارة على الاستصحاب وغيره من الأصول بناء على مسلكه في أدلة الحجية من أن مفادها إلغاء احتمال الخلاف تشريعا، للحكم فيها بإحراز الواقع بسبب الامارة، بأنه حيث كان الشك مأخوذا في موضوع الأصول كانت الامارة رافعة لموضوعها تشريعا، وإن كان باقيا حقيقة، وذلك هو المعيار في الحكومة.
وهو مبني على مسلكه في مفاد أدلة الامارات، وفي تفسير الحكومة، وقد تقدم الكلام في الأول في مبحث القطع الموضوعي، ويأتي الكلام في الثاني في مبحث التعارض إن شاء الله تعالى.
المبنى الثالث: أن مقتضى الجمع العرفي بين عموم الاستصحاب وعمومات حجية الامارات هو تقديم الامارة لو غض النظر عما سبق من دعوى الورود أو الحكومة.