الاتيان به لاستصحاب وجوب مطلق الجلوس المنطبق عليه قهرا، لان الاستصحاب العدمي يرجع للتعبد بعدم المقتضي له من الحيثية الخاصة، فلا ينافي التعبد بالمقتضي له من الحيثية الأخرى، كما لا يخفى.
هذا، ويظهر منه في مطاوي كلماته التمسك في المقام باستصحاب عدم الجعل للحكم في الزمان الثاني، ومعارضته للاستصحاب الوجودي المفروض.
بدعوى: أن الجعل بالإضافة إلى زمان الشك حادث مسبوق بالعدم الأزلي قبل التشريع، فيستصحب العدم المذكور بعده، فيقال: لم يكن وجوب الجلوس بعد الزوال مجعولا بلحاظ حال ما قبل التشريع، فهو غير مجعول بعده، ولم تكن نجاسة الماء بعد زوال تغيره مجعولة آنذاك، فهي غير مجعولة، فيعارض بذلك الاستصحاب الوجودي.
وفيه.. أولا: أن الأثر العملي إنما يترتب على المجعولات الشرعية، دون جعلها، كما هو مقتضى تعليق الآثار الشرعية بنفس العناوين الاعتبارية كالزوجية والرقية والطهارة والنجاسة. بل لو لم يكن الأثر للمجعول - تكليفا كان أو وضعا - كان جعله لغوا بعد كونه اعتباريا محضا لا مصحح لجعله إلا ترتب الأثر عليه.
وعليه لا يجري استصحاب عدم الجعل إلا بناء على الأصل المثبت.
ودعوى: أن الجعل عين المجعول حقيقة أو عرفا، وليس اختلافهما إلا بالاعتبار.
مدفوعة: بأن الاختلاف بينهما حقيقي، كاختلاف الايجاد والموجود، فان الجعل أمر حقيقي من مقولة الفعل، والمجعول أمر اعتباري مباين له ناشئ منه، كما أن الايجاد من مقولة الفعل، والموجود من مقولة أخرى، عرض أو جوهر.
ومثلها دعوى: أن توقف الحكم الفعلي المجعول على الجعل كتوقفه على موضوعه، فكما يصح استصحاب الموضوع أو عدمه، لاحراز ترتب حكمه أو عدمه، كذلك يصح استصحاب عدم الجعل لاحراز عدم