وإن لم يكن موضوعا للاخر، إلا أنه موضوع للتعبد به، فاستصحاب أحدهما كما يقتضي التعبد به يقتضي التعبد بالتعبد بالآخر -، لأنه أثر له، فهو كاستصحاب عدالة الشاهدين المقتضي للتعبد بالتعبد بالمشهود به.
وبالجملة: المقام لا يخرج عما سبق من استتباع التعبد بالشئ للتعبد بأثره الشرعي، غايته أن الأثر في المقام ليس هو اللازم، بل التعبد به.
نعم، لو استفيد من الأدلة محض التلازم بين الشيئين من دون أن يساق مساق أمارية أحدهما على الاخر شرعا فلا مجال للتمسك باستصحاب أحدهما في إثبات الآخر.
الامر الثالث: من الظاهر أن الأمور الدخيلة في موضوع الأثر الشرعي قد اخذت في لسان الأدلة بعناوينها العامة الكلية، كالبلوغ المأخوذ في موضوع التكليف، والاستطاعة المأخوذة في وجوب الحج، والطهارة المأخوذة في المكلف به، والنجاسة المأخوذة في حرمة الاكل.
ومن الظاهر أن الاستصحاب في الموضوعات الخارجية إنما يكون للأفراد الخامة التي ينطبق عليها الكلي، ويكون ترتب الأثر عليها بتوسطه. إلا أن هذا ليس من الأصل المثبت، لوضوح أن أخذ الكلي في موضوع الأثر إنما هو بلحاظ حكايته عن أفراده الخارجية، فهي الموضوع في الحقيقة.
نعم، لابد في استصحاب الفرد من استصحابه بحيثيته العنوانية المأخوذة في موضوع الحكم، فلابد من سبق اليقين به بالحيثية المذكورة، ولا يكفي استصحابه بذاته مع قطع النظر عن الجهة المذكورة وإن كانت ملازمة له، فلو كان موضوع الأثر هو الانسان أو الأبيض اعتبر استصحاب الانسان الخاص أو الأبيض الخاص، ولا يكفي استصحاب زيد بمفهومه الخاص، وإن كان ملازما للانسان أو الأبيض.
وعليه لابد من إحراز منشأ انتزاع العنوان، لتوقف اليقين بخصوصية