وأما الدلالة فيمكن تقريبها بعد الرجوع لما ذكره غير واحد بأن الحديث وإن اشتمل على الترتيب بين اليقين والشك فهو مردد بدوا بين قاعدة اليقين التي يكون فيها الترتب بين نفس الوصفين مع اتحاد متعلقهما بحسب الزمان، والاستصحاب الذي يكون الترتب فيه بين متعلقي الوصفين مع اتحاد زمان نفس الوصفين واجتماعهما في الوجود، بل الأول هو الأنسب بدوا بمفاد الحديث.
إلا أن الثاني هو الأقرب، بل المتعين بعد كونه هو الامر الارتكازي الصالح للتعليل، وتداول التعبير عنه بنظير العبارة المذكورة في النصوص الاخر، وظهور الكلام في فرض وجود اليقين حين المضي والعمل، الذي هو مختص بالاستصحاب ولا مجال له في قاعدة اليقين، لأن المفروض فيها تزلزل اليقين وتبدله بالشك لاتحاد متعلقهما فيها حقيقة، فلابد من تنزيل الترتيب بين اليقين والشك في الحديث على الترتيب بين متعلقيهما، أو على الغالب من كون اليقين بالحدوث أسبق حدوثا من الشك في البقاء.
لكن الانصاف أن ذلك لا ينهض بإثبات ظهور الحديث بنحو يصلح للاستدلال.
وتوضيح ذلك: أن ظاهر النهي عن نقض شئ بشئ - كالنهي عن نقض خبر زيد بخبر عمرو - اعتبار أمرين..
الأول: تنافي مضمونيهما، وهو موقوف على اتحاد موضوعهما ومتعلقهما من جميع الجهات.
الثاني: تحقق المنقوض في زمان الناقض، وعدم ارتفاعه معه، إذ نقض الطريق فرع تمامية اقتضائه للعمل، ولا اقتضاء له مع ارتفاعه، ولذا لا يصدق نقض خبر زيد بخبر عمرو إذا عدل زيد عن خبره حين إخبار عمرو.
الا أنه لا مجال لاعتبار الامرين معا في النهي عن نقض اليقين بالشك،