عندهم، وعليه جروا في تقديم الأصل السببي على المسببي، إلا أن المراد ما يرفعها ثبوتا، كطهارة الماء الذي يغسل به الثوب بالإضافة إلى نجاسة الثوب، والقاعدة في المقام لا تقتضي التعبد بالرافع للحالة السابقة بالمعنى المذكور، بل تقتضي التعبد بنقيض الحالة السابقة، وهو مضاد للتعبد بنفس الحالة السابقة - الذي هو مفاد الاستصحاب - لا حاكم عليه.
نعم، لو كان التعبد المذكور مستندا لطريق يؤدي لارتفاع الحالة السابقة إثباتا كان ذلك الطريق حاكما على التعبد الاستصحابي عندهم، على ما فصل الكلام فيه في وجه حكومة الامارة، لكن المفروض في محل الكلام عدم أمارية القاعدة.
ثانيهما: ما ذكره بعض الأعيان المحققين قدس سره من أن أدلة القاعدة لما كانت ناظرة إلى نفي الشك وأنه ليس بشئ صالح للعمل على وفق احتمال بقاء الحالة السابقة، كانت رافعة لموضوع الاستصحاب، فتكون حاكمة عليه، بخلاف دليل الاستصحاب، فإنه لا يقتضي نفي الشك، بل التعبد بالمتيقن في ظرفه، فلا يرفع موضوع القاعدة.
وفيه: أن مفاد أدلة القاعدة ليس هو نفي الشك، وإلا كانت بلسان الامارة أشبه، بل عدم الاعتناء به في مقام العمل، وهو مفاد دليل الاستصحاب أيضا، غايته أن عدم الاعتناء بالشك مسوق في دليل الاستصحاب لبيان وجوب العمل على طبق الحالة السابقة، وفي دليل القاعدة لبيان وجوب العمل على خلافها، فيتنافيان، ولا يرفع أحدهما موضوع الاخر، ليحكم عليه.
ومن هنا كان الظاهر انحصار وجه التقديم حينئذ بالتخصيص (1).