ضرورة أنه تعالى لكونه صرف الوجود، صرف كل كمال وجمال، لأن جميع الكمالات ترجع إلى كمال الوجود وأصل الوجود، وإلا يلزم التركب في البسيط الحقيقي.
وإذا كان الاختيار والإرادة من كمالات الوجود، فهما - كالعلم والقدرة - ثابتان في حقه تعالى، فهو في ذاته مختار ومريد بالاختيار الذاتي والإرادة الذاتية، فإذا صح أن يقال: علمه بالنظام الأتم الإلهي الرباني كاف في تحقق النظام الأكمل الكياني، صح أن يقال: ذاته كافية، لأنه عينها.
ولكن كفاية ذلك، لأجل أنه ذات مستجمعة لجميع الكمالات اللازمة في تحقق العالم من الواجب الوجود، وبما إنه إذا قيس العالم إليه تعالى، وأنه مختار في ذاته يقال: " هذا العالم صادر عن اختيار " وبما أنه عالم وقدير يقال: " هو صادر عن علة عالم وقادر " وبما أنه مريد يصح أن يقال: " هذا العالم صادر عن المريد بالإرادة الذاتية ".
نعم، هذا النظام والعالم قضه وقضيضه، ومن صدره إلى ذيله، نفس الإرادة الفعلية، لاتحاد الإرادة الفعلية والمراد، وهي الماهيات الإمكانية. كما يكون الأمر كذلك في الحيوان والإنسان، فإن النفس ذات علم ذاتي، وقدرة ذاتية، وإرادة ذاتية، تكون منشأ التصورات والعلوم في صقعها، وتكون منشأ الإرادة في محيطها، وتكون ذات اختيار ذاتي يكون سببا لاختيارية هذه الأمور، فيريد بالاختيار الذاتي، ويوجد الانسان في صقعه ذا رؤوس كثيرة، ويخلق بهمته في صقعه ما يشاء من التخيلات بالاختيار والإرادة الذاتية، وهكذا.
نعم، بين الكائنات من الحيوانات والأناسي، وبينه تعالى ومن في صقعه تعالى، فرق في أن لمرادنا ومعلومنا الذاتي، مرادا ومعلوما عرضيا خارجيا، وأن