اختيار أن الكلمات التي تصدر من الانسان في النوم، ليست من الصوت الذي يحصل من القرع والقلع، ولا يسمع بالاذن والسمع، ولكنه أنى لك من كونها مبدأ الأمر والنهي؟! ضرورة أن هذه الوجودات النورية الذهنية الحاصلة في صقع النفس، ليست هي نفس التصور والتصديق، ولكنها إذا اشتهينا وجودها في الأعيان، فلا بد لنا من التصور والتصديق المتعلقين بإيجادها، ثم الإرادة المتعلقة بالإيجاد، وهكذا في الأوامر والنواهي في المبدأ الأعلى.
فنفس الكلام النفسي غير كاف، فلا بد للأشعري من الالتزام بالكلام النفسي في توصيفه تعالى بالتكلم، وبالطلب النفساني في تصديه تعالى للأمر والنهي. وهذا في نفسه بعيد عن كلماتهم، وإن كان يمكن دعوى: أن في المقام ثلاث مسائل:
مسألة الطلب والإرادة، ومسألة الكلام النفسي، ومسألة الجبر والتفويض، وعلى كل تقدير الأمر سهل جدا.
ثم إن توصيفه تعالى ب " المتكلم " ليس لأجل قيام الأمر الحلولي أو الصدوري، لفساد كل واحد منهما:
أما الثاني: فهو واضح كما مر.
وأما الأول: فلأن الحلول يستلزم التركيب، وهو في حقه تعالى ممتنع، لبساطته جلت آلاؤه وعظم كبرياؤه. فيكون وجه اتصافه ب " المتكلم " أن الكلام هو المعرب عما في الذات وجميع العالم كلامه تعالى وآياته تعالى وتقدس وقد ورد في الحديث الشريف: " إن كلامه تعالى ليس بصوت يقرع، ولا بكلام يسمع " (1) فكلامه تعالى فعله، وهو الوجود المنبسط على الماهيات الإمكانية، فالكلام النفسي في حقه تعالى يستلزم المحال، إلا برجوعه إلى كمال الوجود.
وأما مسألة اختصاص الكتب السماوية بكلامه تعالى، فمع أن قضية ما مر