وثالثا: الأغراض الموجبة لصدور الأمر مختلفة:
فمنها: ما هي بسيطة غير ذات مراتب، كما إذا تعلق غرض المولى بقتل زيد وضربه، فإنه عند تحقق القتل والضرب لا غرض له باق، وإن كان يمكن تصويره ثبوتا، ولكنه غير باق حسب المتعارف.
ومنها: ما هي ذات مراتب، كغرضه المتعلق بإكرام الفقير والمسكين، فإن الأمر الصادر منه وإن كان - بلحاظ بعض الجهات الاخر - غير منحل إلى الأوامر، لكونه متعلقا بنفس الطبيعة، كما هو مفروض البحث، ولكنه لا يسقط الغرض بمجرد إكرام الفقير، فإنه في نفسه طالب لإكرامه بوجه أحسن مثلا، فلا يسقط الغرض رأسا.
فإذا تبين لك هذه الأمور، يتضح لك: أن ما تعارف بين العقلاء من تبديل المصداق بالمصداق الأحسن بعد الامتثال، لما له من الوجه العقلي أيضا، ضرورة أنا إذا راجعنا وجداننا، نجد جواز تبديل الدرهم المغشوش بالدرهم الخالص، وأنه بذلك يكون أقرب إلى مولاه في القيام بوظيفته بالقطع واليقين، وليس ذلك إلا لأن الامتثال لا يستلزم سقوط الأمر، بل هو يستلزم سقوط الغرض الإلزامي، ولكن الأمر باق بحاله.
هذا هو التقريب الذي لا منع من الالتزام به في صلاة الجماعة.
ولكن بعد المراجعة لتلك الأدلة، يظهر وجه آخر منها ذكرناه في كتاب الصلاة (1): وهو أن الأمور الاعتبارية بيد من له الاعتبار، وبيد المقنن النافذ في كلمته، فإذا فوض الأمور إلى المكلفين، فيكون اعتبارهم نافذا، والأمر في الامتثال عقيب الامتثال من هذا القبيل، فإنه إذا أتى بصلاة الظهر، فهو بالخيار بين الإعادة،