الجهة المقتضية - بالوضع والطبع - للقطع والوصل، كما في المثالين، ضرورة أن يوم الجمعة، ومجئ زيد، وسنة الحج، ووقت الصلاة، يتكرر خارجا، ويسقط الحكم بمضي يوم الجمعة، وبانتفاء المجئ قهرا، فإذا استجمع الشرائط ثانيا، فهل يجب ثانيا، أم لا؟
فبالجملة: بعد المراجعة إلى عنوان البحث، وأن في الشريعة كانت أحكام متكررة بتكرر الجهات المقتضية له، وقع النزاع في أن ذلك مستند إلى نفس القضية، أو القرائن الخارجية، فمن قال مثلا بالمرة، أو بعدم دلالتها عليها وعلى التكرار، استند إلى الأمور الخارجية (1)، ومن قال بالتكرار استند إلى اقتضاء نفس القضية ذلك (2).
وإن شئت قلت: يرتفع النزاع، ويجمع بين الأقوال، لأن القائل بعدم الدلالة - هيئة ومادة وجمعا، وضعا وإطلاقا - على المرة والتكرار، أراد ما لا يريده القائل بالدلالة على التكرار، لأنه يريد دلالة القضية المشتملة على الجهة المزبورة على التكرار، وهي وإن كانت ممنوعة حسب الصناعة العلمية، ولكنها قابلة للتصديق حسب الاستظهار العرفي، كما يأتي إن شاء الله تعالى (3).
فبالجملة تحصل: أن ما تخيله القوم من أن النزاع هنا، حول دلالة الهيئة، أو المادة، أو هما معا، على المرة والتكرار (4)، غير وجيه جدا، بل النزاع - بعد مراجعة ما ورد من الشريعة في قوانينها، من لزوم تكرار عدة من الواجبات حسب استجماع الشرائط مكررا، كالعبادات اليومية، والصوم السنوي، وعدم وجوب تكرار بعضها،