القائلين بالبراءة.
وأما في جريان البراءة العقلية، فلا يشترط كون المتكلم كسائر الناس في عدم الخروج عن المتعارفات في إفادة أغراضه، بل المدار هنا على حكم العقل والعقلاء، فلا منع من الالتزام بعدم لزوم إفادة القيد إذا كان يؤتى به إجمالا، لأن غرضه ربما يحصل بإتيان جمع، فليتدبر.
فبالجملة تحصل: أن جريان مقدمات لزوم الاحتياط في المسألة، مبني على القول بصحة اتكال المتكلم على حكم العقل بالاشتغال، حتى لا يكون من العقاب بلا بيان، وإذا يلزم توقف لزوم الاحتياط على لزوم الاحتياط، فهذا باطل بالضرورة.
وعند ذلك إن قلنا: بأن العقاب لا يمكن إلا مع الحجة الثابتة للمولى على العبد، فهي هنا ممنوعة.
وإن قلنا: بأن ترك التكليف المحتمل لا يجوز إلا مع القطع بالعذر، فلا بد من الاحتياط، لأن عدم إمكان الحكم بالاشتغال غير الحكم بالبراءة، كما لا يخفى، وفي المقام ما هو الثابت هو الأول، دون الثاني.
هذا بناء على فرض إمكان البيان المستقل بالجمل الخبرية، أو الإنشائية الإرشادية.
ولو فرضنا امتناع وصوله بمثلها، فظاهر الكل هو الاشتغال، لما يظهر منهم في الجواب عن الإشكال على البراءة: بإمكان بيان المولى بالاستقلال.
ولكنه محل بحث أيضا، لأن مسألة قبح العقاب بلا بيان، ليست إلا درك العقل امتناع ذلك عند عدم وصول البيان بطريق عادي، فإذا لم يصل ذلك - سواء كان لأجل امتناع الإيصال، أو لأجل سائر المحاذير - فلا تتم حجة المولى على العبد، وهو وصول البيان، فلا يصح العقاب.
وأما اتكاله على حكمه بالاشتغال، فالبحث فيه ما مر آنفا، فلو تم ما أفيد: من