وأما ما أورد عليه الوالد المحقق - مد ظله - والعلامة المحشي، وصاحب " المقالات " (1): من أن الحجة ليست تامة على الأزيد من الغرض الوافي به المأمور به، فما هو مورد تمامية الحجة من الغرض، هو المقدار من الغرض الوافي به المأمور به في مرحلة الإثبات والإنشاء. ولو كان هذا البيان تاما، لكان يلزم القول بالاشتغال في الأقل والأكثر مطلقا، وهذا مما لا يقول به الشيخ (قدس سره).
فهو لا يخلو من إشكال، ضرورة أن الحجة اللفظية مثلا، قائمة على المأمور به في عالم الانشاء والإثبات، ولكنها تستلزم تمامية الحجة العقلية، لأن الأمر المتعلق بالصلاة مثلا، لا يدعو إلا إليها، وإذا كان المولى معذورا عقلا في إفادة مرامه بالوضع، يكون المأمور به ظاهرا نفس الطبيعة. ولكن سقوطها بمجرد التطابق ممنوع، والعقل من الحجج القائمة على لزوم الاحتياط عند الشك في الكيفية، فالحجة الوضعية غير ناهضة على الغرض الأخص، ولكن العقلية منها قائمة على الاحتياط جدا.
إن قلت: لا بأس باتكاله على قاعدة الاشتغال، إذا كان ذلك من الواضحات عند عامة المكلفين وأما في مثل المقام فلا يصح، لأنه مطرح الأنظار المختلفة والآراء المتشتتة.
قلت: لا يشترط في عدم جريان البراءة العقلية كون الاشتغال من الواضحات عند العامة. نعم هذا شرط في عدم انعقاد الإطلاق.
والسر في ذلك: هو أن الإطلاق من الأدلة الاجتهادية النوعية، فيلاحظ فيه القيود على حسب اللحاظ الكلي، ولا معنى لاتكال المتكلم على قاعدة الاشتغال بعدم ذكر القيد المعتبر في المأمور به، للزوم الإخلال بغرضه قهرا عند