وهو خلاف كونه عالما حكيما " ومعنى ذلك أنه لو لم يلزم الإخلال بالغرض، لما كان واجبا عليه الإشارة للقيد، فله الاتكال على حكم العقل، إذا كان يقول بالاشتغال في الشك في القيد.
ولكن ذلك فيما كان القيد مورد الالتفات العمومي، فلو كان من القيود المغفول عنها، فلا يمكن الاتكال عليه، لعدم انتقال عموم المكلفين إليه. فمجرد حكم العقل بالاشتغال غير كاف للاتكال.
وهكذا يكون ذلك فيما كان حكم العقل بالاشتغال، من الأحكام النظرية الأولية، بحيث لا يختلف فيه اثنان مثلا، وإلا فلا يجوز الاتكال على الاشتغال. فما تجد في كلام العلامة الأراكي (رحمه الله): من كفاية حكم العقل بالاشتغال (1)، غير سديد.
فإذا كان القيد من القيود الملتفت إليها على نعت الاحتمال، ويخطر احتمال قيديته في ذهن الكافة، وكان حكم العقل البديهي هو الاشتغال، فلا يلزم ذكر القيد، لعدم الإخلال بالغرض عند ترك التقييد، وحيث إن الإطلاق المقامي كالإطلاق الكلامي في هذه الجهة، فلا يتم مقدمات الحكمة لهما معا.
وتوهم: أن قيد الدعوة من القيود المغفول عنها، في غير محله، لاشتهار الواجبات التعبدية من أول طلوع الاسلام إلى زمان المتأخرين، وأن قصد القربة من الأمور الواضحة عند المسلمين، فلا يلزم الإخلال بالغرض، فتدبر جيدا.
قلت أولا: لو كان ما قيل تاما للزم سقوط الحاجة إلى الأصل العملي، لأن تمامية ذلك موقوفة على مفروغية حكم العقل بالاشتغال، فما هو الوجه لأساس الاحتياج إلى تحرير الأصل العملي، هو الوجه لسقوطه.
اللهم إلا أن يقال: بأن اللازم بعد ذلك هو المراجعة إلى مقتضى الاستصحاب في المسألة، فلا يسقط الاحتياج بنحو كلي، فليتدبر.