و " لا عمل إلا بالنية " (1) و " ولكل امرئ ما نوى " (2).
وغير ذلك مما يرشد إلى شرطية النية في جميع الأعمال، وأنه لا يكون العمل في الشرع عملا إلا لأجل الاقتران بالنية والقربة والإخلاص، فكلمة " إنما " تفيد أن ما هو العمل هو العمل القربى فقط، فالشك المزبور يرتفع بهذه العمومات والإطلاقات اللفظية.
ويتوجه إليه: أن المراجعة إلى صدر الآية في سورة البينة، يعطي أنها أجنبية عن المسألة، لأن المذكور في الصدر، هم الكفار، والمشركون، وأهل الكتاب، فالمراد من الأوامر فيها هي الأوامر المتوجهة إليهم.
اللهم إلا أن يقال: بأن الأوامر المتوجهة إليهم ليست كلها قربية، بل هم والمسلمون على شرع سواء. مع أن أهل الكتاب ما كانوا مشركين في العبادة، حتى يقال: بأن الآية سيقت لزجرهم عن الشرك العبادي.
نعم، يمكن دعوى: أن قوله تعالى: * (إلا ليعبدوا الله) * قرينة على أن المراد من الأوامر في المستثنى منه هي الأوامر الخاصة، أي في أمرهم بالعبادة، لا يكون النظر إلا إلى العبادة، دون الأغراض الاخر. ويشهد لذلك قوله تعالى: * (مخلصين له الدين) * (3).
فبالجملة: يجب عليهم توحيد العبادة والإخلاص فيها، برفض الشهوات، والعلل الدنيوية، والأغراض النفسانية. ولو كان المعنى أعم فيشكل الالتزام بالتخصيص، لأن التخصيصات الكثيرة مستهجنة وإن لم تكن آحاد المخصص كثيرة