الرماني درسه سأل رجل من البصرة عن حديثي الغدير والغار، فقال الرماني له:
حديث الغدير رواية، وحديث النار دراية، ولا تقدم الرواية على الدراية... فسكت السائل ولم يحر جوابا.
فتقدم التلميذ الناشئ وهو في آخر المجلس إلى الشيخ واخترق إليه الصفوف وقال له:
ماذا تقول في الذي يخرج على إمام زمانه؟
فقال له الشيخ: كافر، ثم استدرك فقال: فاسق.
فقال المفيد: فإذا تقول في إمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب؟
قال له الشيخ: لا شك في إمامته.
فقال: فماذا تقول في خروج طلحة والزبير عليه؟
فقال له الرماني - وهو مأخوذ بنباهة هذا الطالب الناشئ الذي يلتقيه لأول مرة في مجلس الدرس -: إنهما تابا بعد ذلك.
فقال المفيد - وقد تمكن من أستاذه -: إن توبتهما رواية، وحربهما للإمام دراية، ولا ترفع اليد بالرواية عن الدراية.
فتضايق الشيخ الرماني أمام تلاميذه وأفحم، ولم يحر جوابا أمام التلميذ الناشئ، فاستبقاه في المجلس وسأله عن شيوخه ودرسه، وكتب رقعة إلى أستاذه أبي ياسر يعرفه بقيمة تلميذه الناشئ ولقبه ب " المفيد " وعرف من ذلك الوقت بالمفيد (1).
ومهما يكن من أمر فقد ظهر الشيخ المفيد في مدة قليلة على أقرانه، وحفه شيوخه وأساتذته - كالشيخ الصدوق وغيره - بعنايتهم لما لمسوا فيه من مؤهلات وقابليات يندر وجودها في غيره.
واستقل الشيخ المفيد بالتدريس في بغداد وهو بعد لم يتجاوز سني