وجوه لا يبلغ درجة المعارضة لتلك، فيحمل على التقية أو إرادة بيان الغلبة، فلا تترك لأجله الصحاح المستفيضة. فظهر ضعف القول الثالث وحجته.
وليس في أخبار الاستبراء بالحيض في العدد (1) دلالة عليه لو لم نقل بدلالته على خلافه، كيف لا! ولو صح عدم الجمع مطلقا لاكتفي بالحيضة الواحدة في مطلق الاستبراء البتة، فاعتبار التعدد دليل على مجامعته له.
ومن هنا يتضح الجواب بالمعارضة عن الاستدلال بالأخبار الدالة على وجوب استبراء الأمة بالحيضة الواحدة (2) من حيث إن الاجتماع لا يجامع الاستبراء بها، وذلك بأن يقال: عدم اجتماعهما يوجب الاكتفاء بالحيضة الواحدة في عدة الحرة المطلقة. فقد تعارضا فليتساقطا، فلا دلالة في كل منهما على شئ من القولين.
هذا، ويمكن أن يقال: بصحة الاستدلال للمختار بأخبار عدة المطلقة، ويذب عن المعارضة باستبراء الأمة بامكان كون اكتفاء الشارع فيه بالحيضة الواحدة ليس من حيث استحالة الاجتماع، بل من حيث غلبته عادة، كما مرت إليه الإشارة، ولا ريب في حصول المظنة بها بعدم الاجتماع، والشارع قد اعتبر هذه المظنة في هذه المسألة وإن كانت من الموضوعات، كما اعتبرها في مواضع كثيرة منها بلا شبهة، فلا يكون فيه دلالة على استحالة الاجتماع، كما هو مفروض المسألة.
وكذا ليس في عدم صحة طلاقها حين رؤيته مع صحة طلاق الحامل مطلقا ولو رأته دلالة عليه، إلا مع قيام الدليل على عدم صحته في مطلق الحائض، وهو في حيز المنع، كيف لا! وقد صح طلاق الحائض مع غيبة زوجها عنها.