الملاقاة بوروده على النجاسة، ولا دلالة فيها على الحكم المذكور مع العكس، فينبغي الرجوع فيه إلى القواعد.
وهو ضعيف بما قدمناه من الأصول وعموم المرسلة وإن تضمن صدرها ما في سابقيها، لعدم تخصيص العام بالمورد الخاص، فتأمل. مع أن قوله - عليه السلام - في الصحيح المتقدم: " ما أصابه من الماء أكثر منه " في حكم التعليل، وظاهره جعل العلة خصوص الأكثرية، ولا يختلف فيها الحال في الصورتين بلا شبهة.
هذا، مع أن الصحيحة السابقة صريحة في رده من حيث وقوع التصريح فيها بصب الخمر في ماء المطر من دون تفصيل بين قلة ذلك الماء وكثرته. وإطلاق كثير من الأخبار النافية للبأس عنه من دون تقييد بورود الماء شاهد أيضا.
وقصور الأسانيد فيما عدا المرسلة وفيها غير ضائر بعد الاعتضاد بعمل الأصحاب.
مع أن القول بما قاله كاد أن يكون خرقا للاجماع، إذ لم نقف على من نص على ما ذكره هنا، بل كل من ألحقه بالجاري ألحقه بقول المطلق.
وثبوت القول بالتفصيل المذكور في القليل لجماعة في غير المقام لا يستلزم ثبوته هنا، لتغايرهما. هذا، مع أن القول به ثمة إنما نشأ عند محققيهم - وتلقاه المورد في جملة من تحقيقاته بالقول - من عدم العموم فيما دل على نجاسة القليل با لملاقاة، بناء على اختصاص أكثر أخبارها بصور مخصوصة ليس صورة ورود الماء على النجاسة منها، وفقد اللفظ الدال على العموم في المطلق من أخبارها، والاكتفاء في دفع منافاة الحكمة بثبوت الحكم بالانفعال في بعض أفراده - وهو ورود النجاسة عليه - وهذا كما ترى يقتضي عدم التفصيل في المقام، لكون الصورة المفروضة هنا ليس من أفراد الأخبار الخاصة أيضا والمطلق من أخبارها لا عموم فيه، فيكفي في دفع منافاة الحكمة بثبوت الحكم بالانفعال في غير ماء المطر. فالمتجه فيه الرجوع فيه بأنواعه - سوى ما فيه الاجماع على قبوله النجاسة كما إذا انقطع وكان قليلا وإن كان جاريا - إلى ما اقتضى الطهارة: من الأصل والعمومات، فما ذكره الأصحاب هو الوجه. والله العالم.