" الظالمين " وكذا روي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعروة بن الزبير وقتادة وغير واحد من العلماء وقال محمد بن إسحاق بن يسار عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمرو بن قتادة وغيرهم قالوا: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني من تبوك حتى نزل بذي أوان بلد بينه وبين المدينة ساعة من نهار وكان أصحاب مسجد الضرار قد كانوا أتوه وهو يتجهز إلى تبوك فقالوا يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فقال " إني على جناح سفر وحال شغل " أو كما قال رسول الله صلى الله عليه " ولو قد قدمنا إن شاء الله تعالى أتيناكم فصلينا لكم فيه " فلما نزل بذي أوان أتاه خبر المسجد فدعا رسول الله صلى الله عليه مالك بن الدخشم أخا بني سالم بن عوف ومعن بن عدي أو أخاه عامر بن عدي أخا بلعجلان فقال " انطلقا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدماه وحرقاه " فخرجا سريعين حتى أتيا بني سالم بن عوف وهم رهط مالك بن الدخشم. فقال مالك لمعن انظرني حتى أخرج إليك بنار من أهلي فدخل أهله فأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ثم خرجا يشتدان حتى دخلا المسجد وفيه أهله فحرقاه وهدماه وتفرقوا عنه ونزل فيهم من القرآن ما نزل " والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا " إلى آخر القصة وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا: خذام بن خالد من بني عبد بن زيد أحد بني عمرو بن عوف ومن داره أخرج مسجد الشقاق وثعلبة بن حاطب من بني عبيد وموالي بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير من بني ضيعة بن زيد وأبو حبيبة بن الأزعر من بني ضبيعة بن زيد وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف من بني عمرو بن عوف وحارثة بن عامر وابناه مجمع بن حارثة وزيد بن حارثة ونبتل الحارث وهم من بني ضبيعة ومخرج وهم من بني ضبيعة وبجاد بن عمران وهو من بني ضبيعة ووديعة بن ثابت وموالي بني أمية رهط أبي لبابة بن عبد المنذر. وقوله " وليحلفن " أي الذين بنوه " إن أردنا إلا الحسنى " أي ما أردنا ببنيانه إلا خيرا ورفقا بالناس قال الله تعالى " والله يشهد إنهم لكاذبون " أي فيما قصدوا وفيما نووا وإنما بنوه ضرارا لمسجد قباء وكفرا بالله وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وهو أبو عامر الفاسق الذي يقال له الراهب لعنه الله، وقوله " لا تقم فيه أبدا " نهي له صلى الله عليه وآله وسلم والأمة تبع له في ذلك عن أن يقوم فيه أي يصلي أبدا. ثم حثه على الصلاة بمسجد قباء الذي أسس من أول يوم بنائه على التقوى وهي طاعة الله وطاعة رسوله وجمعا لكلمة المؤمنين ومعقلا وموئلا للاسلام وأهله ولهذا قال تعالى " لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه " والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " صلاة في مسجد قباء كعمرة " وفي الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يزور مسجد قباء راكبا وماشيا وفي الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما بناه وأسسه أول قدومه ونزوله على بني عمرو بن عوف كان جبريل هو الذي عين له جهة القبلة فالله أعلم.
وقال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء حدثنا معاوية بن هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " نزلت هذه الآية في أهل قباء " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية. رواه الترمذي وابن ماجة من حديث يونس بن الحارث وهو ضعيف وقال الترمذي غريب من هذا الوجه وقال الطبراني: حدثنا الحسن بن علي العمري حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية " فيه رجال يحبون أن يتطهروا " بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة فقال " ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم "؟ فقال يا رسول الله ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا وغسل فرجه أو قال مقعدته فقال النبي صلى الله عليه وسلم " هو هذا " وقال الإمام أحمد: حدثنا حسن بن محمد حدثنا أبو أويس حدثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة الأنصاري أنه حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال " إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ " فقالوا