" يمحق الله الربا ويربي الصدقات " وقال الثوري والأعمش كلاهما عن عبد الله بن السائب عن عبد الله بن أبي قتادة قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه إن الصدقة تقع في يد الله عز وجل قبل أن تقع في يد السائل ثم قرأ هذه الآية " ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات ". وقد روى ابن عساكر في تاريخه في ترجمة عبد الله بن الشاعر السكسكي الدمشقي وأصله حمصي وكان أحد الفقهاء روى عن معاوية وغيره وحكى عنه حوشب بن سيف السكسكي الحمصي قال غزا الناس في زمان معاوية رضي الله عنه وعليهم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فغل رجل من المسلمين مائة دينار رومية. فلما قفل الجيش ندم وأتى الأمير فأبى أن يقبلها منه وقال: قد تفرق الناس ولن أقبلها منك حتى تأتي الله بها يوم القيامة فجعل الرجل يأتي الصحابة فيقولون له مثل ذلك فلما قدم دمشق ذهب إلى معاوية ليقبلها منه فأبى عليه فخرج من عنده وهو يبكي ويسترجع فمر بعبد الله ابن الشاعر السكسكي فقال له ما يبكيك؟ فذكر له أمره فقال له أو مطيعي أنت؟ فقال نعم فقال اذهب إلى معاوية فقل له اقبل مني خمسك فادفع إليه عشرين دينارا وانظر إلى الثمانين الباقية فتصدق بها عن ذلك الجيش فإن الله يقبل التوبة عن عباده وهو أعلم بأسمائهم ومكانهم ففعل الرجل فقال معاوية رضي الله عنه لان أكون أفتيته بها أحب إلي من كل شئ أملكه أحسن الرجل.
وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون (105) قال مجاهد: هذا وعيد يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين وهذا كائن لا محالة يوم القيامة كما قال " يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية " وقال تعالى " يوم تبلى السرائر " وقال " وحصل ما في الصدور " وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس في الدنيا كما قال الإمام أحمد، حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لأخرج الله عمله للناس كائنا ما كان " وقد ورد: أن أعمال الاحياء تعرض على الأموات من الأقرباء والعشائر في البرزخ كما قال أبو داود الطيالسي: حدثنا الصلت بن دينار عن الحسن عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إن أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم في قبورهم فإن كان خيرا استبشروا به وإن كان غير ذلك قالوا: اللهم ألهمهم أن يعملوا بطاعتك " وقال الإمام أحمد أنبانا عبد الرزاق عن سفيان عمن سمع أنسا يقول:
قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات فإن كان خيرا استبشروا به وأن كان غير ذلك قالوا " اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا " وقال البخاري: قالت عائشة رضي الله عنها: إذا أعجبك حسن عمل امرئ مسلم فقل " اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون " وقد ورد في الحديث شيبة بهذا قال الإمام أحمد: حدثنا يزيد حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا عليكم أن تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ثم يتحول فيعمل عملا سيئا وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سئ لو مات عليه دخل النار ثم يتحول فيعمل عملا صالحا وإذا أراد الله بعبده خيرا استعمله قبل موته " قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله؟ قال " يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه " تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه.
وآخرون مرجون لأمر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم والله عليم حكيم (106) قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة والضحاك وغير واحد: هم الثلاثة الذين خلفوا أي عن التوبة وهم مرارة بن