وظاهر الخبرين وجوب التصدق بالثمن بعد البيع وإقامة أبدله، أما إقامة البدل فلا إشكال فيه، لما تقدم من أن المضمون ما لم يبلغ محله يجب إبداله.
إنما الاشكال في وجوب التصدق بثمنه مع ما عرفت من كلامهم أنه بعد العطب والكسر يرجع إلى ملك صاحبه، فله التصرف فيه كيف شاء ومن ثم حملوا التصدق بالثمن هنا على الاستحباب، لأن الجمع بين وجوب التصدق بثمنه ووجوب إقامة بدله خلاف القواعد الشرعية والقوانين المرعية، فإنه إن بقي على حاله الأول من تعينه فوجوب التصدق بثمنه في محله، حيث إنه خرج عن ملك صاحبه بتعينه للنسك، إلا أنه لما تعذر إيصاله جاز بيعه والتصدق بثمنه، ولا معنى للبدل على هذا الوجه، إن كان قد خرج بما عرض له من العطب والكسر عن التعين لذلك النسك - لأن.
الواجب هدي صحيح يوصله إلى ذلك المكان، فلما عطب رجع إلى ملك صاحبه وزال التعين، كما تقدم في كلامهم ووجب البدل - فوجوب البدل ظاهر، وهذا هو مدلول النصوص المتقدمة، وأما وجوب التصديق بثمنه فلا وجه له حينئذ، وبه يظهر صحة ما ذكروه من حمل التصدق على الاستحباب.
إلا أن عبائرهم في هذا المقام لا تخلو من اضطراب، حيث إنهم قالوا:
" ولو عجز هدي السياق ذبح أو نحر وعلم علامة الهدي، ولو انكسر جاز بيعه والتصدق بثمنه أو إقامة بدله " وفي بعض العبارات " ولو عجز هدي السياق جاز أن ينحر " إلى آخره.
ومرادهم بهدي السياق المذكور أولا " ما هو أعم من الهدي المستحب أو الواجب، كما قدمنا ذكره، ومقتضى هذا الكلام بحسب ظاهره أن مورد هذين الحكمين هو هدي السياق بالمعنى المذكور، وأنه يجوز ذبحه أو نحره