فإن أي إنسان إذا أراد أن يؤثر في الناس فلا يكفي في ذلك طرح المفاهيم والأفكار، بل لا بد من تجسيد القدوة في السلوك العملي، وبذلك يكون التأثير أكبر.
2 - دور التجسيد في وضوح المسيرة، إن للتجسيد السلوكي دورا في وضوح المفاهيم وادراك الحقائق، إذ لا يكون هذا الوضوح والإدراك كاملا إلا من خلاله، وفي قصة إبراهيم (عليه السلام) إشعار بذلك، قال تعالى:
* (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي...) * (1).
فقد تحصل للإنسان درجة من الإيمان بأمر ما لو طرح عليه بصورة نظرية وعلى شكل مفاهيم وأفكار، ولكن الدرجة الكاملة من الوضوح لا تحصل عنده إلا من خلال التطبيق العملي لذلك الامر.
ولا بد من أخذ هذه الحقيقة بنظر الاعتبار في قضية الهداية، فالوضوح الكامل للهداية لا يتم إلا من خلال التطبيق لها، وعندما ذكر * (اهدنا الصراط المستقيم) * ذكر مفهوم السراط المستقيم، ثم ذكر بعد ذلك الحالة التطبيقية له، في قوله: * (صراط الذين أنعمت عليهم...) * من خلال ذكر صور حقيقية واقعية في حياة الإنسان وهم الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين (القدوة الحسنة)، وبذلك أصبحت صورة السراط المستقيم صورة واضحة بصورة كافية.
3 - إن حالة التمرد والجحود حالة سلوكية يعيشها الإنسان وتجعله في موضع الغضب الإلهي، وهذا الغضب الإلهي قد يكون في صورة مزيد من التمرد والجحود * (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم