وفيه أن الأقرب أن غرضه (عليه السلام) إنما هو بيان اشتراط غلبة المطهر على قياس ما تقدم في صحيحة هشام بن سالم المتقدمة في المقالة التاسعة من الفصل الأول (1)، الواردة في السطح يبال عليه، فتصيبه السماء، فيكف فيصيب الثوب. فقال (عليه السلام): " لا بأس به، ما أصابه من الماء أكثر منه ".
(الخامس) لا ريب أن ما ادعوه من الاجماع على عدم جواز رفع الحدث بماء الاستنجاء إنما يتم عند من يعول على هذه الاجماعات المتناقلة في كلامهم والمتكررة على ألسن أقلامهم، وإلا فمقتضى الأخبار المذكورة الدالة على استثنائه من كلية نجاسة القليل بالملاقاة هو الطهورية مطلقا من حدث كان أو من خبث، وبذلك أيضا يشعر كلام المولى المحقق الأردبيلي (نور الله تعالى تربته) في شرح الإرشاد، حيث قال: " والظاهر هو بقاء الطهارة والطهورية، للاستصحاب، وعدم الخروج بالاستعمال الموجب للنجاسة بأدلة نجاسة القليل، للخبر بل الاجماع فيبقى على حاله، ولأن النجاسة إذا لم تخرجه عن الطهارة للأدلة فكذا عن الطهورية بالطريق الأولى " انتهى.
(المسألة الرابعة) في الماء المستعمل في إزالة النجاسة عدا ما تقدم. ولا خلاف في نجاسته مع التغير في أحد أوصافه الثلاثة. أما مع عدمه فقد اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في ذلك على أقوال:
(أحدها) النجاسة مطلقا وأن حكمها حكم المحل قبل الغسل، وحينئذ فيجب غسل ما لاقته العدد المعتبر في المحل، اختاره المحقق والعلامة، بل الظاهر أنه المشهور بين المتأخرين.
احتج المحقق في المعتبر بأنه ماء قليل لاقى النجاسة فيجب أن ينجس.
وما رواه العيص بن القاسم (2) قال: " سألته عن رجل أصابته قطرة من طشت