كملا على الترتيب بخلاف غيرها من كتب الأخبار كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار. ولا يتوهم - من ظاهر قوله: تداعت الحال إلى ذهاب معظم تلك الأصول ولخصها إلى آخره - أن تلخيص تلك الجماعة لها إنما وقع بعد ذهاب معظمها، فإن ذلك باطل (أما أولا) فلأن التلخيص وقع عطفه في كلامه بالواو، دون - ثم - المفيدة للترتيب. وأما (ثانيا) فلأن الظاهر - كما صرح به بعض فضلائنا - أن اضمحلال تلك الأصول إنما وقع بسبب الاستغناء عنها بهذه الكتب التي دونها أصحاب الأخبار، لكونها أحسن منها جمعا وأسهل تناولا. وإلا فتلك الأصول قد بقيت إلى زمن ابن طاووس (رضي الله عنه). كما ذكر أن أكثر تلك الكتب كان عنده ونقل منها شيئا كثيرا كما يشهد به تتبع مصنفاته. وبذلك يشهد كلام ابن إدريس في آخر كتاب السرائر. حيث إنه نقل ما استطرفه من جملة منها شطرا وافرا من الأخبار. وبالجملة: فاشتهار تلك الأصول في زمن أولئك الفحول لا ينكره إلا معاند جهول.
ومن ذلك ما صرح به المحقق الشيخ حسن ابن شيخنا الشهيد الثاني. حيث قال في بحث الإجازة من العالم ما صورته: " أن أثر الإجازة بالنسبة إلى العمل إنما يظهر حيث لا يكون متعلقها معلوما بالتواتر ونحوه ككتب أخبارنا، فإنها متواترة اجمالا، والعلم بصحة مضامينها تفصيلا يستفاد من قرائن الأحوال ولا مدخل للإجازة فيه غالبا ".
ومن ذلك ما صرح به شيخنا البهائي (نور الله مضجعه) في وجيزته، حيث قال: " جميع أحاديثنا - إلا ما ندر - ينتهي إلى أئمتنا الاثني عشر (عليهم السلام) وهم ينتهون فيها إلى النبي (صلى الله عليه وآله) إلى أن قال: وكان قد جمع قدماء محدثينا ما وصل إليهم من كلام أئمتنا (عليهم السلام) في أربعمائة كتاب تسمى (الأصول) ثم