تصدى جماعة من المتأخرين (شكر الله سعيهم) لجمع تلك الكتب وترتيبها تقليلا للانتشار وتسهيلا على طالبي تلك الأخبار، فألفوا كتبا مضبوطة مهذبة مشتملة على الأسانيد المتصلة بأصحاب العصمة (عليهم السلام) كالكافي، ومن لا يحضره الفقيه، والتهذيب، والاستبصار. ومدينة العلم، والخصال. والأمالي، وعيون الأخبار، وغيرها ".
هذا ما حضرني من كلامهم (نور الله مراقدهم)، وأما كلام المتقدمين، كالصدوق في الفقيه، وثقة الاسلام في الكافي، والشيخ الطوسي في جملة من مؤلفاته. وعلم الهدى وغيرهم ممن نقلنا كلامهم في غير هذا الكتاب، فهو ظاهر البيان ساطع البرهان في هذا الشأن.
ثم العجب من هؤلاء الفضلاء الذين نقلنا كلامهم هنا أنه إذا كان الحال على ما صرحت به عبائرهم من صحة هذه الأخبار عن الأئمة (عليهم السلام) فما الموجب لهم إلى المتابعة في هذا الاصطلاح الحادث؟ وأعجب من ذلك كلام شيخنا البهائي (ره) في كتاب مشرق الشمسين. حيث ذكر ما ملخصه: أن اجتناب الشيعة لمن كان منهم ثم أنكر إمامة بعض الأئمة (عليهم السلام) كان أشد من اجتناب المخالفين في أصل المذهب. وكانوا يتحرزون عن مجالستهم والتكلم معهم فضلا عن أخذ الحديث عنهم، فإذا نقل علماؤنا رواية رواها رجل من ثقات أصحابنا عن أحد هؤلاء وعولوا عليها وقالوا بصحتها مع علمهم بحاله. فقبولهم لها وقولهم بصحتها لا بد من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرق إليه القدح. ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا حاله، كأن يكون سماعة منه قبل عدوله عن الحق وقوله بالوقف، أو بعد توبته ورجوعه إلى الحق، أو أن النقل إنما وقع من أصله الذي ألفه واشتهر عنه قبل الوقف، أو من كتابه الذي ألفه بعد الوقف ولكنه أخذ الكتاب عن شيوخ أصحابنا الذين عليهم الاعتماد ككتب علي بن الحسن الطاطري، فإنه كان من أشد الواقفية عنادا للإمامية إلا أن