(وأما ثانيا) فلما تضمنته تلك العبارات مما هو صريح في صحة الأخبار بمعنى القطع واليقين بثبوتها عن المعصومين (فإن قيل) تصحيح ما حكموا بصحته أمر اجتهادي لا يجب تقليدهم فيه، ونقلهم المدح والذم رواية يعتمد عليهم فيها (قلنا) فيه أن أخبارهم بكون الراوي ثقة أو كذابا أو نحو ذلك إنما هو أمر اجتهادي استفادوه بالقرائن المطلعة على أحواله أيضا.
(الثالث) - تصريح جملة - من العلماء الأعلام وأساطين الاسلام ومن هم المعتمد في النقض والابرام من متقدمي الأصحاب ومن متأخريهم الذين هم أصحاب هذا الاصطلاح أيضا - بصحة هذه الأخبار وثبوتها عن الأئمة الأبرار، لكنا نقتصر على ما ذكره أرباب هذا الاصطلاح في المقام. فإنه أقوى حجة في مقام النقص والالزام.
فمن ذلك ما صرح به شيخنا الشهيد (نور الله مضجعه) في الذكرى في الاستدلال على وجوب اتباع مذهب الإمامية، حيث قال ما حاصله: أنه كتب من أجوبة مسائل أبي عبد الله (عليه السلام) أربعمائة مصنف لأربعمائة مصنف. ودون من رجاله المعروفين أربعة آلاف رجل من أهل العراق والحجاز وخراسان والشام. وكذلك عن مولانا الباقر (ع)، ورجال باقي الأئمة (ع) معروفون مشهورون أولو مصنفات مشتهرة، فالانصاف يقتضي الجزم بنسبة ما نقل عنهم إليهم، إلى أن قال بعد عد جملة من كتب الأخبار وغيرها مما يطول تعداده بالأسانيد الصحيحة المتصلة المنتقدة والحسان والقوية: فالانكار بعد ذلك مكابرة محضة وتعصب صرف. ثم قال: (لا يقال) فمن أين وقع الاختلاف العظيم بين فقهاء الإمامية إذا كان نقلهم عن المعصومين (ع) وفتواهم عن المطهرين (ع)؟ (لأنا نقول) محل الخلاف أما من المسائل المنصوصة أو مما فرعه العلماء، والسبب في الثاني اختلاف الأنظار ومبادئها كما هو بين سائر علماء الأمة، وأما الأول فسببه اختلاف الروايات ظاهرا، وقلما يوجد فيها التناقض بجميع شروطه، وقد كانت الأئمة (ع) في زمن تقية واستتار من مخالفيهم، فكثيرا ما يجيبون